بيان للشيخ محمد عمر
بعد حمد الله والثناء عليه و الصلاة و السلام على النبي
أما بعد القوة على نوعين : قوة مخلوقة ، و قوة الخالق من صفات الله تعالى . القوة المخلوقة قليلة وأما قوة الله فهي من صفاته فليس لها حد ولا نهاية . القوة المخلوقة تزيد و تنقص مثلا قوة السيف أقوى من قوة العصا . قوة الرشاش أقوى من قوة السيف و قوة الهيدروجينية أقوى . هكذا هذه القوات تسمى قوات مخلوقة . والتي إخترعها الإنسان . وهناك قوات مخلوقة لم يخترعها الإنسان مثل السماء و الأرض و الشمس و الريح هذه القوات المخلوقة التي خلقها الله أقوى من القوات التي إخترعها الإنسان . فإذا إجتمعت الصواريخ و القنابل وهكذا لا تستطيع كسر السماء . و إذا كان موجود سيل لا يستطيع الإنسان بقواته المخترعة الدفاع عن نفسه . اليوم مع تطور الإنسان عاجز عن الدفاع عن نفسه . هناك قوة ثالثة قوة الملائكة .الله جعل قوة الملائكة أقوى من السماء و الأرض . إسرافيل إذا نفخ في الصور تنكسر السماء والأرض . سيدنا جبريل رئيس الملائكة طوله ما بين السموات السبع والأرض . سيدنا رسول الله رءاه في هذه الصورة مرتين . رأه الصحابة في صورة رجل غريب لا يرى عليه أثر السفر . ففي بدر الصحابة رأو الملائكة فقوة الملائكة أقوى من قوة الأرض و السماء والهواء , و مع هذا كل هذه القوات مخلوقة لا تضر و لا تنفع .
و لكن هناك قوة الخالق عزو جل . و هذه القوات المخلوقة لا تساوي شئ أمام قوة الله . المال و النعم التي أظهرها الله في الدنيا و هناك خزائن عند الله . هذه تكون قطرة بجانب خزائن الله . خزائن المال والمادة تختلف فيما بينها تزيد وتنقص في أيدي الناس . بعض الناس يأكلون أكثر و بعضهم يأكل و يعمل وهكذا . و لكن كلها هذه خزائن مخلوقة . في الدنيا قدر معلوم من الخزائن و الآخرة خزائنها أوسع سواء خزائن النعم أو النقم . كل شئ من خزائن الله . الحبة الواحدة بطيخة واحدة والبطيخة بها الكثير من اللب ولو كل لبة ممكن أن تنبت . إذا تكون مشكلة . وأما لو أنزل الله نوع واحد من النعم إلى مرة واحدة إلى الأرض لملأت الأرض هذه النعمة و لكن تنزل بقدر معلوم . النعم و النقم بقدر معلوم . العقارب و الحيات و غيرها بقدر معلوم . في الآخرة العقرب مثل البغلة . و كذلك اللذة و الحلاوة و الحسن و القبح . الحلاوة أقسام . العنب و الموز و غيرها حلو ولكن الحلاوة تختلف كذلك النور الشمس و القمر و الشمعة و السراج . أكبر ضوء الشمس ولكن هذا كله شئ قليل من خزائن الله . الحسن و الجمال في الحور العين . كذلك صاحب الجنة يكون له 72 من الحور العين . فكيف يكون حسنه و جماله . كيف يكون نور الأنبياء في الجنة . و كيف يكون نور النبي . الحلاوة في الدنيا معروفة . الحور العين إذا تفلت في البحر المالح أحلته . الحلاوة في تفلها فكيف الحلاوة في أنهار الجنة و في اللبن و في العسل . هكذا كل النعم الإنسان لا يستطيع أن يحيطها .
مقصد الكلام أن الله عنده خزائن القوة و المال . كل القوى في الدنيا لا تساوي بيت العنكبوت . كل المال في الدنيا لا يساوي جناح البعوضه . كل جهد الإنسان على تحصيل القوة و المال حياته كلها بين ذلك و ذلك . فمن أجل القوة يبذل المال و من أجل المال يبذل القوة . الأجير يبذل القوة للحصول على المال . و صاحب المصنع يدفع المال للحصول على قوة الأجير .
و هناك نظامين : نظام القوة و نظام المال . كل الدول الآن على هذا الأساس . الدول التي عندها زيادة في المال تتفكر في زيادة القوة و الدول التي عندها القوة تتفكر في زيادة المال . الدجال أكبر صاحب مال أكبر من قارون و أكبر من كسرى . الدجال عنده أموال طائلة . و هو لا يحتاج لأحد لحفر الأرض . و لكن يقول للأرض أخرجي كنوزك فتخرج . و يقول للسماء أمطري . و يقول للميت قم . .. الفاعل الحقيقي هوالله و الله يعطيه القوة . كل ما نراه في الكون مظاهر لصفات و أسماء الله سبحانه و تعالى .عباد الأصنام يعتقدون أن رزقهم من الأصنام . كذلك اليوم الناس يعتقدون أن رزقهم في تجارتهم و مصانعهم . كذلك الدجال كل ما يظهر على يديه هو من الله أصلا و ليس من عنده . و لكن هذا إستدراك للناس و بلاء للناس .
الذين يقينهم فاسد على الأشياء عندما يرون هذا هم يؤمنوا بالدجال . و المؤمنون هم يقولون لا إلاه إلا الله و يكفرون بالدجال . الذي يؤمن بالأصنام الله يرزقه و لكن ليس في نصيبه إلا هذا المقدار القليل في الدنيا و ليس له في الآخرة من نصيب . و الذي يؤمن أن رزقه في تجارته و صناعته و زراعته فااله يرزقه . و لكن ليس له في الآخرة من نصيب . كذلك الذي يؤمن بالدجال هو يظن أنه في الراحة . أكبر فتنة هي فتنة الدجال . و الصناعة و التجارة و الزراعة فتنة أيضا . الذي يفتن بهذه الفتن الصغيرة فكيف يصمد أمام فتنة الدجال . و الذين آمنوا بالدجال فيكون لهم متاع الدنيا
40 يوم فقط . إنظروا إلى قيصر و كسرى كل قواتهم في مدتهم . كذلك الدجال كل قوته و فتنته في 40 يوم . الله سبحانه و تعالى يبتلي الناس المؤمن و غير المؤمن . الله دائما يبتلي المؤمن و يكون الإبتلاء أولا و أغلب الأحيان بالتكليف . و الكافر بكثرة المال و القوى . بني إسرائيل لما آمنوا بموسى عليه السلام إبتلوا بالمصائب و الشدائد . و الله أعطى قارون خزائن المال و قال إنما أوتيته على علم عندي . سيدنا سليمان أعطاه الله الملك و المال . الله يبتلي المؤمنين بالتكليف و المصائب . و يبتلي الكفار بالمال و النعم . تغيرت حكومة كسرى 14 مرة . كسرى مزق رسالة النبي و لكن قيصر ظل مدة طويلة لأنه إحترم الرسالة . كما أن فرعون لقب لملوك مصر . و كسرى لقب لملوك إيران . كل ما تجد في هذه الدنيا من خزائن المال و القوة هي من عند الله . الإنسان يتأثر بما يرى بعينه من القوة و المال على الأرض . و لا يتأثر بما عند الله من خزائن القوة و المال . (( مثل الذين إتخذوا من دون الله أولياء كمثل العنكبوت إتخذت بيتا ...)) القوات النووية و الهيدروجينية لا تساوي عند الله إلا مثل بيت العنكبوت . سعادة الإنسان و فلاحه لا تكون بتحصيل المال و القوة المخلوقة و لكن سعادته و فلاحه تكون بإرتباطه بخزائن الله الغيبية . و هذا لا يكون إلا بالأعمال التي أعطاها لنا الله عن طريق سيدنا محمد . إذا إرتبط العبد بخزائن الله الغيبية حتى لو كان فقيرا في الدنيا فهو يكون في الفلاح و النجاح . و يكون هذا بالأعمال الصالحة . فسعادة الإنسان في طمأنينة القلب و ليست سعادته في كثرة المال أو شقاوته في قلتها .
فالدين أكبر قوة . فالمؤمن يكون في حياته الدين سواء عنده مال كثير أو قليل فهو في الفلاح و النجاح . و إن لم تكن في حياته الدنيا فإنه يرتبط بخزائن النعم و خزائن العذاب . طريق الهداية للذين يسلكون طريق الأنبياء و الصالحين علاقتهم مرتبطة بخزائن النعم .
كل ما نرى أمامنا فهذا معلوم . أما ما عند الله في الغيب فهذا لا نعرفه إلا عن طريق الأنبياء و المرسلين بطريق الخبر . فالإنسان بين النظر و الخبر هو مبتلى .
الشجرة مستورة في النواة و لكن لا تظهر إلا بعد إلقائها في الأرض و كذلك خزائن الغيب لا تنكشف إلا بعد الموت .
بعض الأحيان الله يكشفه في الدنيا . فرعون كان يتكلم بما عنده من المال و القوى . و كلام سيدنا موسى كان عن الغيب . و إنكشف لفرعون عند غرقه و لذلك قال آمنت . نصرة الله الغيبيه كان يخبر بها سيدنا موسى . و كشفها الله في الدنيا . كذلك مع الصحابة في بدر و الأحزاب الرسول كان يخبرهم عن نصرة الله الغيبية . و كذلك كان العذاب الذي كان يخبر به الأنبياء و المرسلين .
النور الذي خلقه الله في الدنيا قليل و زائل و في الآخرة الخزائن . الشمس و القمر و الكهرباء و السراج بهذا النور الإنسان لا يستطيع أن يرى إلا المخلوقات . في هذا النور الإنسان ينكشف له ما يضره و ما ينفعه من الأشياء . و بدون هذا النور الإنسان لا يستطيع أن يميز بين الضرر و النفع و في الظلام يمسك الحية يظن أنها حبل .
و هناك نور في الآخرة عند الله و من صفات الله . وهذا النور في الدنيا لا يتسعه إلا قلب المؤمن . الدنيا لا تسعه . و هذا النور عندما يدخل في قلب المؤمن ينكشف للمؤمن ما عند الله من خزائن النعم و النقم . و هذا النور هو الإيمان و الهداية .
و هو يميز به ما ينفعه من الأعمال و ما يضره . و تنكشف له الطمأنينة في ذكر الله . و أن الهلاك في الغفلة .
و ينكشف له في الزكاة يربو المال و في الربا ينقص . عندما يتحقق الإيمان في قلب صهيب رضي الله عنه عندما جاء النور في قلبه ترك كل أمواله . الأنصار بهذا النور آخو المهاجرين . المهاجرين بهذا الإيمان تركوا أموالهم و أوطانهم .
عبد الله بن حذافه السهمي عرض عليه الملك المشاركة في ملكه و لكن بالنور لم يبالي بهذا . هذا لايمكن إلا بعد أن يرسخ الإيمان في القلب هو أن يرى كل الدنيا بسيط و قليل . سيدنا سليمان بهذا النور كان يرى أن في كلمة سبحان الله خير من ملك آل سليمان . عندما يتحقق نور الهداية و الإيمان تنكشف المنفعة و المضرة الحقيقية للإنسان . و نور الهداية يتحقق بجهد الهداية . و هذا النور في الدنيا و في القبر و في الحشر . بنور الهداية الإنسان يرى أن يبذل النفس و النفيس في سبيل الله لنشر الدين . الأعمال لابد أن يكون فيها الإخلاص . و بغير الإخلاص تكون الأعمال فيها ظلمة و تكون حاجز . فالذي في قلبه نور الإيمان و الهداية لا يقوم بالأعمال من أجل الدنيا لأنه يرى النعيم المقيم في الآخرة . من كان في قلبه نور الهداية يظهر على وجهه و في حركاته و في سكناته . علامة المؤمن إذا رأيناه ذكرنا الله . من تحقق في قلبه نور الهداية هو لا يتأثر بأحوال الدنيا و لا يتزعزع . الهداية على قدر التضحية بالمال و النفس (( إنفروا خفافا و ثقالا )) المنافقون يشتغلون في الأعمال و لكن من أجل الدنيا (( ألم نكن معكم قالوا بلى و لكنكم فتنتم أنفسكم )) الذي يجتهد في الأعمال من أجل المال فإذا تحصل فضعف العمل و إذا لم يتحصل هو يمل . المعاصي مثل جراثيم النفاق .
ما هو العلاج لخروج النفاق من القلب هو بذل المال و النفس في سبيل الله ولا نيأس من روح الله فالإنسان يكون بين الخوف و الرجاء .