بسم الله الرحمن الرحيم
انتشر في الفترة الأخيرة ظهور بعض منتديات الإنترنت التي تطالب بمنع عضوية النساء قطعيا بها، لأسباب اختلفت باختلاف المستويات العمرية والتعليمية، وأرجع عدد من أعضاء هذه المنتديات ذلك لأسباب دينية، معتقدين أن المشاركة تعد اختلاطا محرما بالرجال الأجانب، فيما يعتبر آخرون أن المنتديات المعنية بالرجال لا ضرورة لإشراك المرأة في مواضيعها، كما هو الحال في المنتديات النسائية المعنية بالتجميل والديكور والمطبخ، ونحوها.
وأكد سعد القحطاني (أحد متصفحي المنتديات) أنه شهد نقاشا حول الموضوع ذاته في منتدى الشماسية الثقافي، والذي طالب أحد أعضائه بأن تطبق فكرة منع عضوية المرأة التي طرحها على المنتدى، بالإضافة إلى عدم قبول عضوية أي شخص يسجل باسم أنثى، سواء كان امرأة، أو رجلاً باسم امرأة، كما هو الحال في الكثير من المنتديات.
وأشار إلى أن ذلك ليس انتقاصا من قيمة النصف الآخر من المجتمع وهي المرأة، ولكن للتميز عن المنتديات الأخرى، ولطرح ومناقشة كل ما يهم الرجال، ولاسيما هم أهل الحل والربط، وهذا هو المغزى، لافتا إلى أن المرأة مكانها محفوظ، ولكن يعيب على بعضهن التمادي في المحادثة مع الرجال، متذرعات بالتحاور الثقافي، وهذا مما لا يرضاه مسلم غيور لأحد محارمه ـ على حد قوله ـ.
وأضاف القحطاني "لا نريد نساء في المنتدى، لنوصد الباب أمام هذه العينات، فإن عدم وجود نساء يحادثونهن، وينتقلون معهن من منتدى إلى آخر، سيجنبنا الشبهات فليكن هذا المنتدى للرجال فقط".
وذكر أن أعضاء آخرين بذات المنتدى أيدوا فكرة خلو المنتدى العام من عضوية المرأة، مطالبين بأن يكون لهن قسم خاص من المنتدى، تكثف الرقابة عليه، وأكدوا أن المنتدى كالمجلس، لا يمكن أن يجتمع فيه الرجال والنساء.
الرقي في التعامل
من جانبه أشار عبد الهادي رحيمان (عضو بمنتدى شعري) أن مشاركة المرأة في منتديات الإنترنت الثقافية نوع من الرقي في التعامل بين الرجل والمرأة، في حدود الأدب والتزام الأنظمة التي يحتضنها هذا النوع من المنتديات، قد تكون احتمالية تجاوزها من الجميع رجلا كان أم امرأة، مشيرا إلى أن حضور المرأة مهم، وحيوي، في تفعيل العديد من الأفكار والمقترحات الثقافية، والاجتماعية، ولاسيما أنه لم يعد هنالك جزء معني بالرجال، وآخر بالنساء، في معظم مجالات الحياة، فما يهم الرجل، يهم المرأة.
ولفت رحيمان إلى أنه يرى أن فكرة إقصاء المرأة نابعة من بعض العقول التي تعتقد أن تواجد المرأة في أي مكان مدعاة للفتنة، ومسبب للانحراف، فيما ابتعدت هذه العقول عن الجوانب الإيجابية التي يحققها التواصل المشروع بين الرجل والمرأة.
ولفت سعيد علوان الحربي (مشرف بمنتدى اجتماعي) إلى أن المشرفين لا علاقة لهم في العموم بتنفيذ مثل هذه القرارات، إذ يخضع ذلك لرغبة السواد الأعظم من الأعضاء، مشيرا إلى أن ذلك قد يترتب عليه خسران أعضاء مهمين، أو دخول جدد غير فاعلين، فيما يظل الحكم هو اتفاق الغالبية على تنفيذ القرار.
وأشار الحربي إلى أن مسألة منع عضوية المرأة بشكل عام في منتديات الإنترنت يعود للعديد من الأسباب التي تختلف باختلاف المستويات الفكرية، والتعليمية، وربما نوعية المنتدى الذي ينتمي له العضو، فمن المنتديات ما يحتم على أعضائه عدم إشراك المرأة قطعيا في عضويته، بسبب تجربة سيئة مع بعض العينات من النساء، أو الرجال الذين يدخلون بأسماء نسائية، ويستغلون المساحة المتاحة لطرح المواضيع في المنتديات، بطرح مواضيع خادشة للحياء، وبعيدة كل البعد عن سياسة المنتدى، ونوعية مواضيعه، أو استغلال مساحة التعارف بأعضاء رجال، لإقامة علاقات، ونحو ذلك، فيما تعود مسألة الاعتقاد الجازم للقائمين على هذا النوع من المنتديات بأن المرأة هي المتسبب في العديد من الأمور غير المرغوب فيها، لأسباب فكرية، وتعليمية وثقافية، بعيدة عن الواقع، فمثلما هنالك عضوات يستنزفن المساحة أسوأ استنزاف، هنالك أعضاء قد يدخلون بأسماء نساء، أو بأسمائهم، وهم السبب في انتشار مواضيع غير متوائمة وسياسة المنتدى، وأنظمته.
منع لا يواكب العصر
من جانبها رأت سلوى عبد الله (عضوة بمنتديات ماجدة النسائية) أن حجب المرأة عن التحاور الثقافي، والإدلاء برأيها في العديد من الأمور الاجتماعية، أمر لا يتواكب وتقدم العصر، في كافة المجالات، فكما أن للرجل الأحقية في الإدلاء برأيه، والتحاور مع شرائح مختلفة من البشر، ومعرفة آرائهم، وتفعيل فكرته، فإن للمرأة ذات الحق، ما لم يحول دين أو عادات دون ذلك.
ورأى عبد الرحمن الشهري (موظف بشركة الاتصالات) أن دخول المرأة إلى الإنترنت بغير حاجة، مضيعة لوقتها، الذي لا بد أن تستغله في خدمة زوجها، وأبنائها، كما أنه قد يجرها إلى مفاسد لا تدركها إلا بعد الوقوع فيها، كإقامة علاقات غير شرعية، أو رؤية ما يخدش الحياء، وما يقود إلى مفاسد أخلاقية كبيرة.
وترى هلا الغامدي (طالبة ثانوي) أن عدم إشراك المرأة في النقاش التربوي أو الاجتماعي، أو الثقافي، وحصر المواضيع المعنية بها في إطار التجميل والمطبخ، أمر سيسهم في تقليص المخزون الثقافي للمرأة، وسيعمل على خلق فجوة حقيقية في التعامل مع الرجل والمرأة.
أمر غير لائق
ورأى بندر السبيعي (عضو بمنتدى يرفض عضوية النساء) أن المنتدى خاص لأهل المنطقة، ويحمل اسمها، فمن غير اللائق أن نعطي مكاناً غير مناسب لتواجد المرأة، مشيرا إلى أن نساءنا لا يشاركننا مجالس الرجال.
ويقول السبيعي "أعتبر نفسي في مجلس رجال، وللنساء مكان يليق بهن في منتديات أخرى، كما أن أكثر سبب علقني في هذا المنتدى هو غياب العنصر النسائي".
وعن كون الخطأ وتجاوز الأنظمة خطأ سواء من رجل أو امرأة قال السبيعي "فلنكن أكثر واقعية، يبقى الرجال رجالاً والنساء نساء، فكلاهما سيهتم لردود الآخر ولو بدون قصد، عندها سننتقل من خدمة المنتدى إلى شيء آخر، ثم إن النساء سوف يطالبن بأقسام نسائية، وهذا سيقلل من قيمة المنتدى، فنحن أبناء قرية واحدة، ووجود عنصر نسائي بيننا يدل على أنهن من نفس القرية، ولا أعتقد أن أحدا يرضى لمحارمه أن تتواجد مع أصدقائه ومعارفه، مشيرا إلى أن الاختلاط اختلاط، ولو كان من خلال السطور.
الغلبة للمضمون
من جانبه أضاف الكاتب وعضو منتدى "جسد الثقافة" سلمان المشاري أن المتابع لوضع المشاركات النسائية في منتديات الإنترنت، يجد أن هناك فضاءات واسعة، فُتحت للمشاركة، وطرح الرؤى، ووجهات النظر، وكانت المرأة جزءاً ممن استخدم هذه الفضاءات، في شؤون ومجالات، وأطروحات مختلفة، ومتباينة، مشيرا إلى أن بعض هذه الأطروحات راقية، وتعبر عن خبرة معرفية، وثقافة عالية، كما تشخص واقعا، وتنقل خبرة، في حين يشارك البعض الآخر بمشاركات هزيلة، إما بحكم قلة الخبرة، أو بسبب سطحية التوجهات، وبعض المديح والإطراء الذي يفوق الواقع، مما يجعل المشاركات مموجة، وفاقدة لأبجديات الأهمية، بالإضافة إلى الخروج عن دائرة النقد البناء، والموضوعي في الرد على المشاركات، وربما للرجال نصيب الأسد في كيل هذا الكم من الإطراء والمديح، فضلا عن مديح بعض النساء لهم.
وأضاف المشاري أنه من خلال تجربته الشخصية في الانتقال بين العديد من المنتديات الثقافية والاجتماعية، وحتى المعنية بالمرأة، ككاتب وعضو اتضح له أن التجربة حينما تنضج، تكون الغلبة للمضمون، وبغض النظر عن كاتب هذا الطرح، أو تلك الرؤية، ذكرا كان، أم أنثى.
إلى ذلك أكد الداعية الإسلامي الشيخ يحيى اليحيى أنه ليس هنالك ما يمنع المرأة من المشاركة برؤيتها، وأطروحاتها الثقافية والاجتماعية، والدينية، في منتديات الإنترنت، وأن ذلك ليس محرما ما لم يكن هنالك صور لهؤلاء النساء، أو تجاوز الحدود الشرعية في القول، أو السلوك.
من ناحيته أكد أستاذ الفقه المشارك بالجامعة الإسلامية في المدينة المنورة الدكتور أحمد العمري أن الإنترنت كغيره من التقنيات، والأمور التي يعتمد الشر والخير فيها على مستخدمها، لافتا إلى أنه ومن حيث المبدأ لا يوجد مانع شرعي من مشاركة المرأة في منتديات الإنترنت بمواضيع لا تختلف وتعاليم الشريعة، فيما يقع الضرر أو التحريم متى ما استغلت تلك المساحات في المنتديات وخلافها في كتابة ما حرمه الله.
http://www.alwatan.com.sa/news/newsd...9800&groupID=0
غير متصل
