رد: جيفارا الذي لا يعرفه أحد (دقات : محمد سنجر)
كُتب : [ 19 - 03 - 2009 ]
( الدقة الثامنة )
( صخب يلف المكان حولي ،
أشباح تتحرك بين أدخنة الحشيش المنتشرة بالمكان ،
رائحة نتنة تزكم الأنوف ،
أوقدوا بعض أغصان الأشجار الجافة للتدفئة بمنتصف القاعة ،
إضاءة النيران تسقط على الوجوه ،
أخذت أتفحص وجوه الرجال المنحوتة حولي ،
ينفثون أدخنة السجائر بقوة ،
كل منهم منهمك في عالمه الخاص ،
وجدت أحدهم يمسك بسكينه يحلق لرفيقه لحيته ،
البعض يلعب الورق ،
و آخر يتابع إناء على النار تفوح منه رائحة القهوة ،
انتبه الجميع لصوت آلة موسيقية وترية ،
عندها التفت الجميع لمصدر الصوت ،
وجدت رجلا أشعث الشعر ، ذو لحية خفيفة متناثرة ،
سيجار طويل يتدلى من فمه ، تفوح من ملابسه الرثة المهلهلة رائحة عرق نتنة ،
و قد أمسك بكلتا يديه آلة أشبه ب ( الجيتار ) ،
و أخذ يغني بصوت أجش ،
و إذا برجل آخر بجواره يمسك ب (الهارومنيكا ) يضمها إلى فمه ،
ركض بناظري شريط الصور المخزنة بالذاكرة ، و إذا به يتوقف عند ( جيفارا ) ، نعم إنه ( جيفارا ) هذا الذي يغني ،
أخذت أستمع مضطرا ،
بينما أخذ ينشد أشعاره )
ـ ماريا العجوز ، ستموتين ،
أحدثك بجدية.
كانت حياتك مسبحة من الصعاب
لا محبوب هناك ، ولا صحة ولا مال ،
لا شيء سوى الجوع يشاركك الحياة.
أود الحديث عن آمالك
الآمال الثلاثة المختلفة
التي نسختها ابنتك دون أن تدري.
خذي هذي اليد الرجولية الطفلة
بين يديك الملطختين بالأصفر
وامسحي رسغيك البارزين و"القشف" اليابس
في الخزي الناعم ليدي الطبيب
اسمعي أيتها الجدة البروليتارية
( وقف بينما علا صوته أكثر فأكثر )
ـ فلتؤمني بالإنسان الآتي
فلتؤمني بالمستقبل الذي لن ترين
( أشار لرفاقه ليشاركونه الغناء )
ـ لا تصلي لرب قاسي
أنكر عليك حياة الأمل
ولا تطلبي الموت رحمة
فالسماء صماء والظلام يلفك .....
( أخذ رفاقه يرددون وراءه بينما بدأ البعض يتراقص )
ـ لا تصلي لرب قاسي
أنكر عليك حياة الأمل
ولا تطلبي الموت رحمة
فالسماء صماء والظلام يلفك ......
( أخذ يردد بينما أخذ رفاقه يتراقصون على وقع صوته الأجش ، عندها اختلط الحابل بالنابل )
ـ لا تفعليها
لا تصلي لرب
أنكر عليك حياة الأمل
ولا تطلبي الموت رحمة
فالسماء صماء والظلام يلفك ......
( عندها تسللت خارجا ،
وكزني أحدهم بقبضته )
أغتصب سمعي صوته الغليظ :
ـ دورك .
ـ أي دور ؟
ـ ألن تأخذ نصيبك من إرغام هؤلاء البوليفيات المقيدات بالغرف على الاعتراف ؟
ـ إرغامهن ؟ كيف ؟
ـ أنت و شطارتك ( غمز بعينه و عض على شفتيه ) .
ـ اغتصاب ؟؟؟؟ أعوذ بالله ، أعوذ بالله .
ـ ويحك ، الله ؟
لا تتكلم بهذا الكلام هنا و إلا .... ( أشار إلى رقبته بالذبح )
ثلاث و ثلاث مثلما يقول ( جيفارا ) .
ـ أي ثلاث و ثلاث ؟؟؟؟
ـ يجب هنا ألا تؤمن إلا ب ( ماركس و لينين و ستالين )
و تكفر ب ( الله و الدين و الملكية الخاصة )
( أخذ الرجل يضحك ثم انصرف يدعو الآخرين لاغتصاب البوليفيات المسكينات بحجة إرغامهن على الاعتراف ،
نظرت إلى النجوم التي تتلألأ بالسماء ،
ترقرقت النجوم بعيني حزنا على مصيرهن ،
أهذه هي الإنسانية في نظركم ؟؟؟؟
أهذه هي الرحمة و العدل و الرأفة ؟؟؟؟
أينما يوجد الظلم فذاك وطني ؟؟؟؟
تمنيت لو أنه كابوس لاستيقظ منه سريعا ،
و لكن لا فائدة ،
يبدو أنها الحقيقة المرة أيها التعس ،
حاولت استنشاق نفسا عميقا من الهواء النقي ،
أحاول استعادة شيء من حريتي و آدميتي مرة أخرى ،
و لكن من أين لي بها و قد جنيت على نفسي بالتواجد بين هؤلاء ،
لااااا غير معقول ، هل أنا هنا فعلا ؟؟؟؟
وجدت من يهزني بقوة ،
نعم أنت هنا بين هؤلاء ، نعم ،
إنها الحقيقة أيها الغبي الأحمق ،
أحاول جاهدا كبت هذه الصرخات التي تغلي بصدري ،
وجدتني انفجر غاضبا ،
صرخت عاليا ، شقت صرخاتي سكون الليل البهيم ،
تتردد بين الغابات و الجبال :
ـ وا إنسانيتاااااااااااااااه .
( يتبع )
|