 غير متصل
|
رقم المشاركة : ( 43 )
|
|
رقم العضوية : 12388 |
تاريخ التسجيل : 01 - 03 - 2007 |
الدولة : ذكر |
العمر : |
الجنس : |
مكان الإقامة : نجد العذية |
عدد المشاركات : 20,738 [+] |
آخر تواجد : [+] |
عدد النقاط : 49 |
قوة الترشيح :  |
|
|
رد: الحاسد عدو للنعمة وعدو للمنعم
كُتب : [ 10 - 08 - 2009 ]
بسم الله الرحمن الرحيم
احذروا الحسد فإنّه داءٌ قاتل، ومرضٌ عُضال :-
خلق ذميم سيئ, مضرٌ للبدن والروح, مفسدٌ للدين والمعاملة, أنزل الله في ذمه والتحذير منه قرآنا يُتلى إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم وأمرنا بالاستعاذة من شرّه في سورة الفلق حيث قال : ( قل أعوذ برب الفلق، من شرِّ ما خلق، ومن شرِّ غاسق إذا وقب، ومن شرِّ الفاثاتِ في العقد، ومن شر حاسد إذا حسد ) وقد كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ منه كثيرا كما نبهنا وحذرنا صلى الله عليه وسلم من عاقبة الحسد وشرِّ منقلبه على الحاسد، فقال صلى الله عليه وسلم : ( دبَّ إليكم داء الأمم من قبلكم : البغضاء والحسد, هي الحالقةُ, حالقةٌُ الدين, لا حالقة الشعر, والذي نفسٌ محمد بيده, لا تؤمنوا حتى تحابٌّوا, ألا أنبئكم بأمرٍ إذا فعلتموه تحاببتم ؟ أفشوا السلام بينكم ) أي انزعوا ما في قلوبكم من غلٍّ وحسدٍ وشحناء وبغضاء، واغرسوا بدلا منها الحبُّ والوداد، يشير صلى الله عليه وسلم إلى أن التحابب ينفي الحسد ويبعده .
والحسد مرض خطير، وهو أول ذنب ٌ عُصيَ اللهُ به في السماء، وكذلك في الأرض، أمّا في السماء فقد حسدَ إبليسُ آدمَ عليه السلام، فكان مصيره أن طُردَ من رحمة الله ومن الجنة، فهو ملعونٌ إلى قيام الساعة أمّا في الأرض، فقد حسدَ قابيل ُ هابيلَ فخاب وخسر ولا زال هذا المرض الخطير مرافقا الخلقَ - لعل الحكمة من أجل الامتحان والابتلاء والفتنة - يقول تعالى : ( أَحَسِبَ الناسُ أن يُتركوا أن يقولوا أمنا وهم لا يفتنون ...... ) فاحذر وتنبه، إذ إن عاقبته وخيمة وهي تطال الحاسد قبل المحسود نسأل الله اللطف والعافية، يقول معاوية رضي الله عنه محذرا من الحسد : ليس من خصال الشرِّ أعدلُ من الحسد، يقتلُ الحاسدَ قبل أن يصلَ إلى المحسود ورحم الله من قال :-
اصبر على كَيــد ِالحَسـُــــو
= د ِفإنَّ صبـــرَكَ قاتلُهْ
فالنــَّارُ تأكُــلُ بعضــــــــها
= إنْ لم تجدْ ما تأكـــُلُه
وقد جاء في ذم الحسد الكثير، منه ما كان قرآنا : ( ومن شر حاسد إذا حسد ) ومنه ما كان حديثا نبويا شريفا : ( لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا .. وكونوا عباد الله إخوانا ... ) ومنه ما كان حكمة من أقوال السلف الصالح، أو نظما من الشعر فمن أقوال السلف : الحسد أول ذنب عُصيَّ اللهُ به في السماء, يعني حسد إبليس لعنه الله لآدم عليه السلام, وأول ذنب عصي الله به في الأرض حسدَ ابن آدم لأخيه ( حسدُ قابيل لهابيل ) وقال الحكماء أيضا : الناسُ حاسدٌ ومحسود, ولكل نعمة حسود وقد قال معاوية رضي الله عنه : ليس من خصال الشرِّ أعدلُ من الحسد, يقتل الحاسدَ قبل أن يصلَ إلى المحسود وقالوا : يكفيك من الحاسد أن يغتمَّ وقت سُرورِكَ وتبدو حقيقة الحسد في الحزن الذي يعتري الإنسان عندما يرى غيره من الناس أفضلَ منه، فيتمنى زوال الخير من الفاضل وعدمه، حتى يصير الفضل إليه, وهو أبشع الأخلاق وأسوءها، وهو من صفات المنافق والعياذ بالله والحسد المذموم، لا يشمل المنافسة المشروعة, لذلك يخطئ من يظن أن المنافسة في الخير حسد، لأن المنافسة بالخير عمل مباح، وطموح مشروع، وتسابق إلى الخيرات لذلك يقول صلى الله عليه وسلم : ( المؤمن يغبط, والمنافق يحسد ) فشتّانَ بين الغبطة والحسد !! وأهم أسباب الحسد ودواعيه تتجلى في :-
بغضُ الحاسد للمحسود، لفضيلة تظهر لدى المحسود أو منقبة يشكر عليها، وتتجلى أيضا في عجز الحاسد عن بلوغ مرتبة المحسود بالفضل والخير، يؤدي إلى كراهية الحاسد للمحسود أيضا، فيحاول أن يجرَّ ويسحبَ من تقدمه إلى الوراء، علّه يصلَ إليه ويتفوق عليه قال الشاعر :-
إن يحسدوني فإنِّي غيرُ لائمهم
= قبلي من النَّاس أهلُ الفضلِ قد حُسِدُوا
فدام لـــي ولهم ما بـــي وَمَا بِهِمُ
= وماتَ أكثرُنــــا غيظاً بمــــا يجــــــــدُ
ويبدو حسد الناس للإنسان بشكل عام، بحسب فضله وظهور النعمة عليه، فإن كثُرَ فضله كثُرَ حسّادُه, وإن قلَّ قلّوا، فالمثل ألماني يقول : ( من ليس له أمجاد ليس له حسّاد ) لذلك فإن أنجع وأنجح وسيلة للوقائية من الحسد، تجنبه، وهذا ما يرشدنا إليه حديث رسول الله صلى الله عليه سلم : ( استعينوا على قضاء الحوائج بسترها، فإن كل ذي نعمة محسود ) كما أن أفضل دواء للحسد، هو ما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم أيضا : وأولها : اتباع أوامر الشريعة, والرحوع إلى الله عز وجل, لقهر النفس على مذموم خُلُقها, ونقلها عن لئيم طبعها، وذلك بالرياضة على الأخلاق الفاضلة والتدرج فيها إلى الكمال .
ثانيها : أن يستقبح الإنسانُ نتائج الحسد، ويستهجنه، فيذعن إلى الرشد ويعود إلى الصلاح، لأن النفس المؤمنة الأبية، والهمة العالية، لا ترضى بالخلق الذميم ودناءة الحسد ووضاعته .
ثالثها : أن يعلم مدى نفور الناسِ من الحاسد, وبعدهم عنه, فيحذر على نفسه من عداوة الناس ومجافاتهم له
فيتألفهم بمعالجة نفسه .
رابعها : أن يستسلم للقدر, ولا يرى أن يغالب قضاء الله فيرجع مغلوبا، فيرضى بما كتب الله له فإنه إن عَلِمَ ذلك وتمسك به، سَلِمَ من الوقوع بالمحظور، ونجا من وطأة هذا المرض الخبيث، واستبدل بالنقص فضلاً وكمالا .
واعلم أنَّ للحسد آفات كثيرة : يصيب الإنسانَ إذا ما صدّته الشقوة ُعن مراشده وغلب عليه الخلق الذميم منها : حسرة دائمة وسقام ليس له شفاء، فكرٌ مشغول وعمل قليل، ورحم الله من قال : الحسد داء الجسد ومنها : انخفاض المنزلة عند العامة والخاصة وانحطاط المرتبة, حتى قيل : الحسود لا يسود ومنها أيضا : مقتُ الناس وكراهيتهم له, حتى لا يجد فيهم محبا مخلصا، ولا صديقا ودودا لذلك يقول صلى الله عليه وسلم : ( شرُّ الناس، من يبغُضُ الناسَ ويبغضُونه ) ومنها أيضا : سخط الله تعالى عليه، لأن الحاسد يعترض على حكم الله، ولا يرضى بقضائه لذلك قال صلى الله عليه وسلم : ( إن الحسدَ يأكل الحسنات كما تأكُلُ النارُ الحطبَ ) ورحم الله الشاعر / محمود الوراق إذ يقول :-
أعطيتُ كلَ الناس من نفسي الرضا
= إلا الحسُـــودَ فإنــَّــه أعــيــانــي
مــا إنَّ لـــــي ذنـبـاً إليه عــلـمـــتـه
= إلا تظــاهُـرُ نعـمــةِ الرحـمــان
وأبــى فمـا يُرضـيـه إلا ذِلـَّـتــــــي
= وذهـابُ أمـوالي وقطعُ لســاني
فســأستـعينُ بخالقي مـولىَ الورَى
= يـكــفـيـنـا بهـا مــن الشـيـطـان
منقول بتصرف يسير مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
|
|
|
|
|
 |