منزل متهدم في إحدى القرى بالشريط الحدودي
جازان: علي الجريبي
تغيرت ملامح القرى الحدودية في محافظة الحرث ومركز الخوبة بعد أن أخلاها أهلها وتركوها وحيدة تصارع عواصف المواجهة مع المتسللين بالشريط الحدودي، لتتغير ملامحها يوما بعد يوم، وتتحول إلى بيوت مهجورة يختبئ بها المتسللون هربا من ملاحقة القوات السعودية. ولكن يبقى قرار إخلاء هذه القرى صائبا لأقصى درجة، وذلك للحفاظ على أرواحهم من عبث هؤلاء المتسللين.
ومع بدء رحلة الخروج والفراق منذ أول يوم تشهده المواجهة بين الطرفين شدَّ الحنين والشوق امرأة مسنة قضت سنوات عمرها الطويلة في مسكن بسيط مع أسرتها وأرض يحرثونها دون إدراك منهم أن بيوتهم الصغيرة سيهجرونها تاركين حتى زراعتهم ومواشيهم تتهالك بعاصفة الأحداث والمواجهات العسكرية،
وتتناثر دمعات بين فترة وأخرى من أعين الأبرياء عندما يتذكرون بيوتهم وقراهم الصغيرة وهي تحوم فوقها الطائرات وتخترقها النيران لتبقى أطلالا يسجلها التاريخ في صفحاته وصورا تتناقلها الأيام وينظر إليها الأجيال وترسم خلالها لوحة حزن وألم على وجوه النازحين فيعود الطفل إلى أمه يشتاق للرجوع إلى سريره ويلهو بلعبته التي قد تكون في عداد المفقودين أو أصبحت أشلاء بنيران المعتدين.
هذه ليست أحلاما عابرة في ليالي الأحداث المفاجئة بل حقيقة أجبرت سكان القرى الحدودية على الهجرة وترك كل ما يملكون، تساورهم الأسئلة عن وضعهم بعدما يعودون، وكيف سيكون وضعهم والأرض غير الأرض وبيوتهم كأن الأشباح لعبت بها وبدلت ملامحها كي لا يعرفها صاحبها ولو بعد حين. فبالأمس كان الجميع ينام في تلك القرى ويتبادلون الزيارات ويتشاركون في المناسبات ليتغير حالهم وتتبدل أرضهم وبيوتهم وتبقى حالهم وطباعهم كما هي لم تغيرها الأحداث ولم تبدلها الأزمات ولكنهم في حنين للعودة إلى ديارهم حبا واشتياقا لها فملامحها الخارجية لا تهمهم لأنه يسهل عليهم تجديدها وإرجاعها إلى أجمل وأبهى صورها، وتكون لحظات الرجوع أمنية يتمناها الصغير والكبير بعد أيام من الهجرة غير المتوقعة من الجميع، منتظرين العودة إثر تمسكهم بأمل الرجوع وقدرة الرحمن أكبر من كل شيء في تحقيق الأمنيات في لحظات يسيرة