المنتدى التـعـلـيـمـيشامل مواضيع المعلم والطالب والمدرسة ، أخبار وزارة التربية والتعليم وتحضير الدروس و ملفات البوربوينت الخاصة بالشرح وجداول الإجازات و مناهج التعليم
اللصوص يكتبون بالمقص بقلم : الدكتور / تيسير صبحي ( جامعة الخليج العربي )
· شروط الكتابة بالمقص وآلياتها :-
· كيف " تؤلف " كتاباً في نصف ساعة ؟!
· سمات وخصائص لصوص الكلمة والفكرة .
· شراكة مربحة تجمع اللصوص وتجّار الكتب .
· العفة والطهارة الأكاديميّة في مستنقع السرقات العلميّة .
· ظاهرة من ظواهر التأزم والتخلف الحضاري .
· تعريف مبتكر للشخص " الموهوم ".
كثيرة هي الكتب التي تحمل عناوين مثيرة؛ مثل : كيف تكسب الأصدقاء ؟ كيف تصبح من الأثرياء ؟ كيف تحصل على الدكتوراة من دون عناء ؟ كيف ... ؟ وكيف ... ؟ وفي ضوء الإقبال الشديد على هذه العناوين، وشهرة هذه الموضوعات قمت باختيار عنوان هذه المقالة، وهو : اللصوص يكتبون بالمقص !!
وعلى الرغم من خبراتي في ميدان الموهبة والإبداع إلا أنّني أعترف أنّ موضوع هذه المقالة هو من وحي وإبداعات لصوص الكلمة والفكرة إنّه من إبداع أصحاب الأيادي الطويلة في السطو الفكري والانتحال الأكاديمي
وتنتشر ظاهرة الكتابة بالمقص في المجتمعات المتخلفة، ويمارسها اللصوص من الجنسين ( ذكوراً؛ وإناثاً ) وقد أثبتت بعض الإناث تفوقهن في مجال الكتابة بالمقص وقمن بممارستها بأسلوب أقرب ما يكون إلى خياطة الملابس على طريقة الهيبيين؛ أي من كل قطر أغنيّة .
وتتلخص سمات وخصائص ُكتّاب المقص بجملة خصائص وسمات، ومنها :-
· قدرات عقليّة متدنيّة ونسبة ذكاء منخفضة .
· تحصيل أكاديمي دون المتوسط؛ حيث عاش حياته الأكاديميّة يحبو ويزحف .
· قدرات إبداعيّة في السطو والاحتيال والفهلوة والانتحال .
· خصائص وسمات سلوكيّة اجتماعيّة تضمن له / لها مواقع اجتماعيّة متميزة؛ وتتيح له العيش في دائرة الضوء الاجتماعيّة المضمخة بالكذب والنفاق والشلليّة؛ وغيرها من سمات .
وفي ضوء النقاط الأربع المذكورة أعلاه؛ في مقدوري صياغة تعريف متعدد المعايير للشخص " الموهوم " تماماً كما فعلت من قبل عندما قمت بتعريف الشخص الموهوب ويجوز لي ذلك يحكم تخصصي؛ فأنا من أصحاب هذا التخصص، ولست عالة عليه ولم أكن من تلك الفئة التي تسلقت أسوار هذا الميدان واقتحمته وتسولت على أبوابه إذن، فقد أصبح لدينا الساعة التعريف لمطلوب لأفراد الفئة المستهدفة في هذه المقالة .
متطلبات الكتابة بالمقص :-
في مقدورنا تلخيص شروط ومتطلبات الكتابة بالمقص في النقاط التّاليّة :-
(1) أنْ يتوافر لدى " الكاتب " ضمير بلاستيكي؛ ووجه مطاطي؛ ودماغ اسفنجي سريع الامتصاص؛ وجلد سميك؛ وأيدي طويلة؛ ولسان سليط؛ وآذان واسعة؛ وانتهازيّة لا حدود لها .
(2) الاطلاع على المصادر المختلفة ( ومن ضمنها الكتب والمخطوطات ) التي ستشكل مسرح عمليات السطو واللصوصيّة .
(3) القدرة على التزييف والتحريف والتضليل والتقمص؛ إذْ يساعد ذلك في لعب الأدوار كافة التي تتطلبها عملية الكتابة بالمقص؛ ومن ضمنها دور الضحيّة التي تستحق الدعم والتعاطف والمؤازرة في حال تجرأ أحدهم على كشف حقيقة هذه الشخصيّة والدور التخريبي الذي تلعبه على مسرح الحياة الأكاديميّة .
(4) الانضواء تحت راية إحدى الجماعات التي يجمع أفرادها خصائص وسمات مشتركة؛ حيث تشكل الجماعة ( أو الشلة ) السور الواقي لذي يحول بين " الكاتب " وبين القصاص المحتمل .
(5) البحث عن بيئة مناسبة للكتابة بالمقص؛ حيث نجد أنّ نجاح هذا النمط من الكتابة هو رهن الظروف الاجتماعيّة والأكاديميّة وما يسود المجتمع من قوانين وتشريعات؛ إلى جانب غياب " حقوق الملكيّة الفكريّة " بمعنى القدرة على انتهاز الظروف واستغلالها من أجل ممارسة الكتابة بالمقص .
(6) توافر الوسائط التجاريّة التي لا تعرف أخلاقيّات صناعة الكتاب؛ وتبحث عن ربح وفير في عالم متخلف تسوده البلطجة والفهلوة؛ حيث بات النشر مهنة من لا مهنة له .
(7) عجز ذوي الخبرة والاختصاص عن الدفاع عن حمى تخصصاتهم؛ الأمر الذي ساعد " ُكتّاب المقص " ودفعهم إلى اقتحام تخصصات لا يعرفون أبجدياتها؛ وقد يفسر ذلك أسباب التنوع المعرفي في نتاجات ُكتّاب المقص؛ حيث تجدهم تارة يدّعون التأليف في الموهبة والإبداع؛ وتارة ينشرون في الإعاقة العقلية؛ ولا يغفلون السطو على الطب النووي، ولا تفلت من بين أيديهم أدبيات الهندسة الوراثيّة؛ ويواصلون ( خياطة الكتب ) في مجالات مثل : الإعاقة السمعيّة، والإعاقة البصريّة، وتكنولوجيا التربية الخاصة، والموصلية الفائقة، وغيرها كثير .
(8) أنْ تكون لدى الكاتب مهارات رفيعة المستوى في استخدام المقص؛ لأنّ العمليّة برمتها تعتمد على المقص؛ حيث يوظفه بفاعليّة في انتزاع النصوص من بطون الكتب الأصيلة، ويمرر أسنانه بين السطور - إنْ دعت الحاجة إلى ذلك - إلى جانب أهميّة السرعة؛ وبخاصة إذا كان الهدف المأمول هو الوصول إلى معدّل إنتاج لا يقل عن كتاب واحد في الأسبوع .
وفي مقدوركم الإضافة إلى شروط ومتطلبات الكتابة بالمقص بالكيفيّة أو الطريقة التي ترونها مناسبة وقد حاولت تلخيصها في جملة النقاط المذكورة أعلاه تمهيداً للحديث عن آلية الكتابة بالمقص ومراحلها بوصفها عمليّة إبداعيّة يمتاز بها " الموهوم " على غيره من الموهوبين والعاديين؛ بل ويتفوق بها على المعوقين؛ وغيرهم .
آليّة الكتابة بالمقص :-
أشير بداية إلى أنّ حقوق الملكيّة الفكريّة تدفعني إلى الاعتراف بأنني لا أملك حقوق هذه الآليّة ولست صاحبها / صاحبتها؛ ويقتصر دوري هنا على وصفها، وتعميمها، ووضعها في متناول أيدي مَنْ يرغبون في توظيف هذه الآليّة في خدمة أنفسهم أوّلاً وأخيراً، ولا ترتعش أطرافهم من سطوة قانون حماية الملكيّة الفكريّة .
وتتلخص آليّة الكتابة بالمقص في الخطوات التاليّة، ولا يفوتني في هذا السياق الإشارة إلى أنّه قد جرى تجريبها من قبل حفنة من ُكتّاب المقص؛ وأثبتت فاعليتها، وكان نتاجها وفيراً؛ وبات أصحاب تلك النتاجات من " رواد العلم والتربيّة " وقد يكون لهم مكانة مرموقة في المحافل والمؤسّسات التربويّة والأكاديميّة .
أوّلاً : قم بزيارة إحدى المكتبات، وابحث في موجوداتها عن جملة كتب ستكون ضحيّة مسرح عمليات المقص؛ واتبع استراتيجيّة انتقاء تساعدك في اخفاء آثار المقص، ولا تبخل على نفسك بلقب مؤلف أو مؤلفة وحاول / حاولي انتقاء الكتب القديمة نوعاً ما؛ واجتهد بقدر الإمكان أنْ يكون المؤلف الأصيل في عداد الأموات؛ أو أنّه يعيش في مكان بعيد يجنبك المساءلة وفي مقدورك التخلي عن هذه الاستراتيجيات والطرق إنْ كنت تتمتع بالجرأة وتتصف بالسمات والخصائص المذكورة أعلاه حينذاك سيكون في مقدورك السطو على إبداعات القريب والبعيد والحي والميت .
ثانيّاً : حدّد / حدّدي عدد الصفحات التي سيلتهمها ( أو يبلعها ) المقص كي تخرج من بطنه وتصب في أوراق " كتابك " أنت فعلى سبيل المثال، تستطيع أنْ " تؤلف " كتاباً في نصف ساعة عن " الموهبة والإبداع والتفوق " حيث تحصل على فصلين أو ثلاثة فصول من كتاب الدكتور / فتحي جروان، وعدد مماثل من الصفحات والفصول من كتاب الدكتور / كمال كامل أبو سماحة ورفاقه، ولا تغفل تطعيم " كتابك " بعشرات الصفحات من كتاب الدكتور / رمضان القذافي وتابع جهودك، ولا تدع الملل يتسرب إلى نفسك، وابحث عن مقدمة للكتاب، وقم بتصوير قائمة مراجع وبذلك، تكون صفحات الكتاب قد اكتملت بين يديك .
ثالثاً : وبحكم معرفتك المتواضعة ( أو المعدومة ) في هذا الميدان، ينبغي أنْ تحرص / تحرصي على شطب المصادر والمراجع التي اعتمد عليها كتاب النصوص الأصيلة كي لا يفتضح أمرك، وكي تبدو صفحات الكتاب من " إبداعك " أنت .
رابعاً : تذييل الفصول الرئيسة بقائمة المراجع العربيّة والأجنبيّة، واحرص / احرصي على أنْ لا تكون طويلة؛ كي تبدو أنْت في هيئة الكاتب الرصين الذي يحرص على حقوق الآخرين؛ ويثمن جهود هؤلاء الكتاب ويوثق اسهاماتهم؛ مع ملاحظة أنني لا أضمن لك عدم انكشاف أمرك عند القارىء المتخصص .
خامساً : إعداد الصفحات التمهيديّة للكتاب، والتي تشمل صفحة الغلاف الداخلي؛ وحقوق التأليف؛ وصفحة المحتويات ولا أبخل عليك بنصيحة في هذا السياق، وأشير عليك باتباع نهج من سبقوك على هذا الدرب من ُكتّاب المقص؛ وذلك بأن تقوم بإهداء هذا العمل إلى كل الأشخاص الذين منحوك فرصة " نصف ساعة " كي تنجز هذا العمل الخارق !! ولا تغفل أنْ تكتب على إحدى الصفحات الداخليّة ما يفيد أنّه لا يجوز النقل ولا الاقتباس ولا التخزين من دون إذن مسبّق من المؤلف / المؤلفة ( الذي هو أنت ) وبرأيي أنّ هذا النص ضرورة من ضرورات نتاجات المقص، ولا أتصور أنْ يتعرض هذا النص ( المقصوص ) لعمليّة جراحيّة ثانيّة أو ثالثة يتولاها آخرون من ُكتّاب المقص؛ فأنت الوحيد الذي يستطيع القيام بذلك، وهم لا يستطيعون ذلك خوفاً من المساءلة والتجريم .
سادساً : توقيع اتفاقيّة نشر الكتاب / الكتب مع إحدى دور النشر التجاريّة؛ والحصول على عائدات ماديّة؛ هي حق من حقوقك المكتسبة، وهي معرضة للزيادة الكبيرة إنْ تجرأ أحد أصحاب النصوص المقصوصة ( أو المسروقة ) بمقاضاتك أمام إحدى المحاكم المحليّة أو الدوليّة؛ إذ يتوقع في هذا الحال أن تكون الأحكام في مصلحتك؛ وبذلك تأخذ العدالة مجراها .
سابعاً : تتولى دار النشر استنساخ النصوص المجتزأة ومخرجات المقص، وتحرص على علامات الترقيم والعناوين الرئيسة والفرعيّة؛ وتعنى عناية خاصة بالغلاف؛ وتقوم بجهود تسويقيّة بهدف نشر الكتاب على أوسع نطاق ممكن، والتعريف بمجهودات وإنجازات المؤلف / المؤلفة بوصفه مبدعاً لا يشق له غبار وقد تراهن بذلك على سذاجة القاريء ولكن القاريء أذكى مما يتصوره هؤلاء اللصوص .
ثامناً : اتخاذ كافة السبل والاجراءات التي تكفل حماية ُكتّاب المقص، وتساعدهم في مواجهة أي إجراءات قضائيّة قد يلجأ إليها أصحاب النصوص الأصيلة التي التهمها المقص ولا يفوتني في هذا السياق طمأنة ُكتّاب المقص بأنّهم سيكونون حتماً من الفائزين وأتوجه إليهم بأطيب الأماني والتوفيق في دورهم الحضاري الذي لا يضاهيه أي دور وأدعوهم إلى انتهاز الفرص وممارسة عمليات السطو في إطار برامج الدراسات العليا المحلية التي توفرها دكاكين محليّة لا تمت إلى العلم ولا إلى التربيّة بأي صلة؛ والتي تتيح لهم الحصول على شهادات عليا تشكل خط الدفاع الأوّل الذي يحميهم من المساءلة والتجريم .
وختاماً، أتوجه بالدعوة إلى مؤسّسات حماية حقوق الملكيّة الفكريّة وأرجوهم إعداد قوائم خاصة بهؤلاء اللصوص للتشهير بهم وتجريمهم وردعهم وتفويت الفرصة عليهم، والعمل على إعداد قاعدة معلومات وبيانات في مقدورنا توظيفها في تعريّة هؤلاء وفضح ممارستهم على الصعد كافة وعلى عاتقنا جميعاً تقع مسؤوليّة مواكبة التطورات التي تطرأ على هذا الميدان واتخاذ الاجراءات الرادعة التي تحول دون استمرار وتفشي هذه الظاهرة وانتقالها إلى مستوى أرفع وهو السطو الإلكتروني واستخدام مقصات إلكترونيّة في سرقة نصوص عديدة من مواقعها الإلكترونيّة الأصيلة .
ولا يفوتني في هذا السياق الإشارة إلى أنّ هذه المقالة قد انبنت على أساس حقائق مستمدة من أرض الواقع كانت هي السبب الرئيس في إحجام نخبة من الكُتّاب عن الكتابة والتأليف والنشر كي لا تؤول كتاباتهم لقمة سائغة يلتهمها مقص أحد لصوص الكلمة والفكرة .
جملة أخيرة : أرجو المقص وأدعوه إلى قضم أصابع اللصوص وكف أيديهم عن ممارسة السطو على إبداعاتنا . وللحديث بقيّة !! هذا والله يحفظكم ويرعاكم منقول مع خالص التحية وأطيب الأمنيات وأنتم سالمون وغانمون والسلام .
غير متصل
اللــصــوص يــكــتــبــون بــالــمــقــص
