الخرمة - ربح شباب السبيعي
يعتبر السوق القديم بمحافظة الخرمة من أقدم الأسواق المعروفة في أطراف الحدود الحجازية النجدية الواقعة شمال شرق محافظة الطائف، حيث كان مهبط ومقصد الكثير من قوافل التجار القادمين والمغادرين من وإلى الشام واليمن، ويقدر عمره فوق المائة والخمسين عاماً، حيث تؤكد بعض المخاطبات والمبايعات التي وجدت مع تجار السوق والتي دارت وقتها بين تجار منطقة القصيم وتجار الخرمة آنذاك أمثال يوسف الطويل وابن عتيق وابن عثمان، أن عمر هذا السوق القديم يفوق ما ذكر حيث كان الوحيد في المنطقة لاتساع محيط الخرمة ووقوعها بين ثلاث مدن معروفة، مثل تربة ورنية وظلم، واتصالها مع المنطقة الجنوبية والغربية والوسطى.
ومعظم دكاكينه المبنية من الطين وقليل الإسمنت مقفلة ومهجورة وبعضها تقبع بها بعض العجائز من النسوة وبعض كبار السن الهرمين متمسكين بتراث الآباء والأجداد ومتحدين بقوة صعوبة الحصول على لقمة العيش من دكاكين بضائعها العتيقة لا تحلو ولا تروق لجيل الشباب الحالي.
الدكاكين وذكريات للماضي
(الجزيرة) تجولت في السوق في أحد أيام عطلة الأسبوع حيث يكثر الزبائن من المزارعين والحرفيين وبعض شريطية الأغنام في ساعات الصباح الباكر، حيث كان لقاؤنا مع المواطن فهيد خالد السبيعي الذي تحدث قائلاً: إنني من الناس القلائل الذين يرغبون في التسوق بالأسواق الشعبية القديمة التي أعدها من أفضل المقاصد عندي، وذلك بعيداً عن ضجيج المكيفات والسيارات وأصوات الموسيقى المنبعثة من الجوالات، فالسوق القديم بالخرمة لي معه تاريخ قديم حيث كنت صغيراً أحضر مع والدي -يرحمه الله- للتسوق، وكان عبارة عن برحة تحيط بها مجموعة دكاكين من الطين وبعض البسطات النسائية والسيارات المتجولة، وتقريباً إن لم تخني الذاكرة مكانه مستقر في موقع هذه البرحة الخالية حالياً وكانت مزدحمة بالجمال والأغنام والبقر وبالبائعين المتجولين من نساء ورجال، وكان للتسوق طعم خيالي حيث لا نعرف البضائع التي نراها الآن وإنما كان الموجود هو عبارة عن تمر وأقط ودخن وسمن بري وغيره من المحصولات الزراعية التي كانت تأتينا من سكان البادية والحاضرة سواء في الخرمة أو القرى المجاورة أو يؤتى بها من قبل قلة قليلة من القرويين الذين يأتوننا من الحجاز والباحة والطائف، وإن حال هذا السوق حالياً بدأ يدب به الموت دكاناً دكاناً، وذلك لعدم تطويره والعناية به من قبل البلدية والإدارات المسئولة بالمحافظة، حيث إنه لم يحصل على نصيبه من التطوير الذي تشهده المحافظة في كافة المجالات بل ظل شكله منذ عشرات السنين دون تغيير أو تطوير.
المواطن سالم السبيعي وهو من رواد السوق قال: إن هذا السوق قديم جداً وموقعه ممتاز، حيث إنه يتوسط المحافظة ويحيط به الشريط الزراعي من الشرق والتمدد العمراني من جهتي الغرب والجنوب والشمال، ولو تم الاهتمام به وتطويره والتركيز عليه حتى لا يفقد هويته القديمة من بضائع ومزروعات وغيرها لكان محط أنظار جميع المستثمرين بالمحافظة والمدن والمحافظات المجاورة، ونحن كمواطنين وأهالي للمحافظة ومستفيدين منه نطالب بالمحافظة على السوق والحرص على عدم سلبه هويته القديمة وتاريخه التراثي والعمل على تطويره بما يتناسب مع موقعه، حيث يمكن نزع ملكيته وجعله سوقاً ومركزاً تاريخياً يعد من معالم المحافظة.
ما يريده أصحاب الدكاكين
وطالب العديد من أصحاب دكاكين السوق، ومنهم عبدالله الحلاف والمواطن محمد الدوسري بتطوير السوق وذلك بإنارته وسفلتة ساحاته وترصيفها، حيث انحصر تواجد الزبائن على مدخل السوق المسفلت فقط مما جعل الدكاكين القريبة من الخدمات هي التي تشهد كثرة الزبائن وأما التي تقع داخل السوق وتفتح على البرحة غير المعبدة فهي قليلة الزبائن، مما جعل هناك أفضلية من ناحية رغبة الزبون ويشاركهم في هذا الرأي أحد العمالة وهو من الجنسية الهندية يدعى منير شاه ويعمل بأحد دكاكين السوق، حيث بدا متضايقاً من قلة الزبائن وقال: إن الزبائن فقط من كبار السن وإن الشباب لا يعرفون هذا السوق إلا عندما يمرون بسياراتهم عابرين للطريق في فترة المساء، يقولها مبتسماً، وعن محتويات الدكان وجدنا بضائع قديمة مثل الشمائل وهي تستخدم للإبل وكذلك علائق ومحاميس ودلال وحبال وسطول لحفظ الدهن البري وبعض الخيام وأشياء كثيرة لها قيمة تاريخية.
غير متصل
