الطائف: خالد الزهراني
أصدرت المحكمة الجزئية بالطائف يوم الاثنين المنصرم حكما على مشرف الجناح رقم 5 سابقا بمستشفى الصحة النفسية بالطائف المعروف باسم "شهار" يقضي بالسجن لمدة عشرة أيام مع جلده سبعين جلدة دفعة واحدة وذلك في دعوى قذف وتشهير أقامها ممرض بالمستشفى ضده بعد أن نسب إليه المشرف على الجناح وقائع بالاعتداء جنسيا على أحد المرضى. وقد برأ الحكم الممرض من التهمة المنسوبة إليه مستندا في ذلك إلى كفاءته في العمل وسمعته الطيبة ولاسيما أنه حصل على 7 شهادات تقدير من الشؤون الصحية بالطائف وإدارة المستشفى خلال فترة عمله. وتضمن الحكم أخذ تعهد على المشرف بعدم الاستعجال في الأمور مرة أخرى.
وقد بدأت وقائع القضية منذ مطلع العام الماضي بعد أن ادعى أحد النزلاء على الممرض أنه تحرش به جنسيا، ومن ثم قام الممرض برفع دعوى قضائية على مشرف الجناح الذي قام بإبلاغ مدير المستشفى بتلك الدعوى بحجة أنه تسرع في اتخاذ القرار.
"الوطن" التقت بمشرف الجناح رقم 5 سابقا بمستشفى الصحة النفسية بالطائف والذي فضل عدم ذكر اسمه فأشار إلى أن القضية بدأت عندما كان يعمل مشرفا على الجناح رقم 5 بالمستشفى حيث قدم إليه أحد النزلاء بالمستشفى يشكو من التحرش الجنسي والاعتداء عليه أكثر من مرة من قبل أحد الممرضين العاملين بالمستشفى، وأنه يقوم بفعل الفاحشة به مقابل سيجارة في ساعات متأخرة من الليل. وأضاف أن النزيل أحضر نزيلا آخر بالمستشفى يقبع في نفس الجناح للاستماع لشهادته في ذلك الأمر، والتأكد من أقواله.
وأكد أنه قام بإبلاغ الطبيب الأخصائي المعالج بالمستشفى، حيث تمت مناقشة المريض. وأرفق الأخصائي خطابا بملف المريض مطالبا باستكمال الإجراءات. ثم قام المشرف على الجناح بإبلاغ مدير المستشفى بتلك الحادثة فطلب منه مخاطبته رسميا، فأعد خطابا أرفق به أقوال النزيل الذي تعرض للاعتداء الجنسي من قبل الممرض.
وتم استدعاء أحد النزلاء الآخرين الذي لاحظ ذلك الأمر. كما تم استدعاء مساعد مدير المستشفى ونائبه، فأكدا صحة ذلك الأمر لدى القاضي، وأن المدير طلب من مشرف الجناح مخاطبته رسميا. وقال مشرف الجناح "عند إبلاغي مدير المستشفى بالواقعة طلبت منه الاطلاع على كاميرات المراقبة بالمستشفى فطلب مني الانصراف عندما طلبت مرافقته أثناء الاطلاع على الأشرطة المسجلة من خلال كاميرات المستشفى، حيث قام مدير المستشفى بإرسال مساعده للشؤون المالية والإدارية والذي حضر للجناح وقام بمساءلة النزيل على مسمع ومرأى من الجميع".
إثر ذلك قام مدير المستشفى بإبلاغ الشرطة لأنه كان يرى أن الموقف جنائي ولابد من تدخل الجهات الأمنية في الموضوع. وأشار مشرف الجناح إلى أنه تمت مخاطبة وزارة الصحة والشؤون الصحية بالطائف، لطلب التدخل في القضية.
وأكد أن الاستعجال في تحويل القضية إلى الشرطة لم يكن منه وإنما من مدير المستشفى الذي يعد أقوى صلاحية منه في مجال العمل.
كما قامت "الوطن" بالاتصال بالمدير الحالي لمستشفى الصحة النفسية "شهار" استشاري الطب النفسي الدكتور رجب عبدالحكيم بريسالي فأشار إلى أن القضية حدثت في وقت
سابق، ولم تكن خلال إدارته للمستشفى، وأن هناك جهات مختصة للنظر في القضية، ولم يعد لإدارة المستشفى أية صلاحيات للبت في القضية.
وأشار المحامي والمستشار القانوني محمد عبدالله السالمي لـ"الوطن" إلى أن القضاء قال كلمته في هذه القضية، واكتسب هذا الحكم القطعية بالمصادقة عليه من التمييز. ويظل هذا الحكم نهائيا ومحل ثقة كبيرة جداً إلا أن النظام أعطى الحق للمدعى عليه باللجوء للاعتراض عليه عن طريق طلب إعادة النظر إذا كان هناك مقتضى يتفق والحالات الوارد ذكرها على سبيل الحصر في نص المادة 206 من نظام الإجراءات الجزائية وهي حالات خمس وتقدم وفق ما نصت عليه المادة 207 من نفس النظام مما يعني أن محكمة التمييز غير معنية بالأمر إلا أن يكون هناك حكم جديد صدر في موضوع الدعوى بناءً على طلب إعادة النظر في القرار الشرعي، فيجوز الاعتراض عليه بطلب التمييز فشأنه شأن الحكم الذي يصدر من المحكمة لأول مرة. أما فيما يتعلق بالقرار الشرعي الصادر من المحكمة والمصادق عليه من التمييز فنحن لا نتدخل في هذا الموضوع خاصة فيما يخص مناقشة الحكم وما صاحبه من استعمال للسلطة التقديرية للمحكمة التي أصدرته وما استندت عليه من أدلة. ففي كل الأحوال يرجى تطبيق القاعدة الشرعية (البينة على من ادعى واليمين على من أنكر) فالملاحظ أن المدعى عليه في هذه الدعوى تفاعل بحكم عمله ومسؤوليته واختصاصه مع شكوى المريض والذي يدعي أنه تم الاعتداء عليه من قبل المدعى الحالي. ويظهر من خلال تصفحنا للقرار الشرعي أن المدعى عليه وإن صحت رواية المريض، إلا أنه لم يقم بما يجب عليه القيام به من إجراءات تؤهله فيما بعد لحماية نفسه، فيجب عليه أولاً- والحديث للسالمي- التريث في أخذ أقوال الشاكي المريض مأخذ الجد ومراقبة ذلك ما أمكن لأن الشاكي المريض ذكر أنه اعتدى عليه أكثر من مرة ومن ثم إذا ثبت له ما يدل على ذلك رفع الأمر في حينه لرئيسه المباشر، وطالب باستدعاء الطبيب الشرعي لإثبات واقعة الاعتداء بتقرير طبي، فالشكوى التي تقدم بها المريض تنطوي على الطعن في أخلاق وسمعة شخص، والقاعدة (الأصل في الذمة البراءة) وأن الأثر والانطباع الذي يتركه مجرد الاتهام بين الأصحاب والزملاء والأهل كبير، وبالتالي يتحقق الضرر المادي والمعنوي فالقاعدة الشرعية تنص على (لا ضرر ولا ضرار). وقال السالمي إن مما يدلل على تفريط المدعى عليه أنه استند في تقريره على شهادة شخص مريض بفصام في الشخصية ينوم في نفس العنبر وغير مؤهل للشهادة لأنه شخص غير عادي وبالتالي فقد تعسف المدعى عليه في استعمال الحق مستغلاً صفته كمسؤول أول بصورة أضرت بسمعة وعرض المدعي، وهذه الدعوى لم تقم بواسطة المدعي إلا بناءً على النتائج السلبية التي خلصت إليها التحقيقات، لذا نرى أن المدعي محق في رفع دعواه حتى وإن كان المدعى عليه يدفع بحسن النية وطبيعة العمل وتأدية الواجب
الوطن
.
.
.
غير متصل
