السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
البحث {منقول} لاكنه في فائدة كبيرة لنتذكر مجد من أمجاد عامر بن صعصعة .وكما نعلم أن بني عامر بن صعصعة
حكموا بلدان عديدة ولهم إمرات لا تحصى .وكان أكثر بني عامر بن صعصعة لهم دول و إمرات ((كعب)).
التي شاخت على نجد كلها في صدر الأسلام.وشاخو على الخليج العربي ....................
ونحن سنتكلم بخلال هذا الموضوع عن مشيختهم في ((البحرين))وذكر بعض بطون القبيلة و شيوخها و فرسانها .
القطيف في حظيرة الدولة العثمانية
مع بداية عام 959هـ كانت القطيف تطوي آخر صفحة من صفحاتها المريرة مع الاحتلال البرتغالي لها، وتفتح أولى صفحات دخولها تحت كنف الدولة العثمانية التي ساهم بعض زعماء القطيف آنذاك في دخولها للبلد قبل بضع عشرة سنة من التاريخ المذكور حين قام وفدٌ منهم بالذهاب إلى بغداد عام 941هـ للقاء السلطان سليمان القانوني، وطلبوا منه تطهير بلدهم من البرتغاليين الكفرة. [1]
ومع إنعامه عليهم بالإجابة إلا أنّ الأسطول العثماني لم يصل القطيف إلا في العام 959 للهجرة، وبالرغم من طول المدة (18 سنة) التي تفصل بين ذهاب الوفد القطيفي إلى السلطان العثماني ومجيء قواته للقطيف إلا أنّ المرجح هو وجود اتصالات ومراسلات مباشرة أو غير مباشرة بين القطيفيين وبين الدولة العثمانية لحثها على المجيء إلى بلدهم وتخليصها من البرتغاليين مع تعهدهم للدولة بالسمع والطاعة والتسليم لها، وهو ما لاحظه بعض جواسيس البرتغاليين الذين أخبروا سادتهم بهذه النية لدى القطيفيين في العام 957هـ [2] مما جعل الفونسو دي نورنها (Alfonso de Noronha) الحاكم البرتغالي العام للهند وملحقاتها التي من ضمنها الخليج آنذاك يرسل رسالة إلى ملك البرتغال يخبره بذلك، وكان ذلك في ربيع الأول عام 959هـ ،[3] إلا أنّ الغلبة ظاهرياً قد تمت للدولة العثمانية التي استولت على القطيف، وقامت بتعيين مراد بك في 18 ذي القعدة 959هـ كأول والٍ عثماني على القطيف، وفي الوقت نفسه قام موظفو الدولة بكتابة كل المعلومات الإحصائية التي تهم الدولة عن القطيف وتدوينها في سجلٍّ عثماني خاص عُرف فيما بعد باسم دفتر التحرير (الطابو)رقم 282.
دفاتر التحرير العثمانية ( الطابو )
لم يكن مجيء الدولة العثمانية للقطيف إنقاذاً لأهلها من براثن البرتغاليين بقدر ما كان وقوعاً لها تحت براثن جديدة هي براثن العثمانيين هذه المرّة، وصار القطيفيون من بعد ما كانوا يشتكون التمييز الديني من البرتغاليين أصبحوا يشتكون الآن من التمييز الطائفي من العثمانيين، ومن أطماع وشره هذه الدولة وجنودها الذي لا ينتهي عند حد، فحلت الويلات والنكبات بالقطيف والقطيفيين مع مجيئهم إلى المنطقة، وتعددت المصائب التي حلَّت بهم، والتي تراوحت بين نهب وتشريد بعض أثريائها[4] وقتل بعض المعارضين لهم، وغصب الكثير من أملاك وبساتين أهلها إما عن طريق الغصب المباشر لها أو عن طريق المنهج الإقطاعي الذي مارسته هذه القوات بحيث كان الأهالي يؤدون إلى ما سُمّي بخزينة الدولة ضريبة قد تفوق في كثير من الأحيان دخلهم مما يضطرهم إلى الاستدانة لتسديد ديونهم الجائرة لتلك الخزينة[5] هذا فضلاً عن ممارسة التمييز الطائفي المقيت ضد سكان المنطقة الذين اشتهروا بالتشيع لآل البيت منذ عصور الإسلام الأولى [6] .
إلا أنه – والحق يقال – كان لاحتلال الدولة العثمانية للقطيف بعض النواحي الإيجابية، ومنها قيامها بتدوين وتوثيق الكثير من المعلومات التاريخية والجغرافية والاجتماعية والاقتصادية لهذا البلد المنسي، وقد قدمنا القول أنّ هذا التدوين والتوثيق قد تم عبر أوراق رسمية كان قادة الجيوش وموظفو الدولة يرسلونها كتقارير وسجلات شهرية أو سنوية للدولة العثمانية في اسطنبول، والتي كانت تحفظ ضمن سجلات خاصة عرفت بعدة مسميات مثل: (دفاتر الصرّة)، (دفاتر الصادر والوارد)، (دفاتر المهمة)، و(دفاتر الطابو) [7] .
وهذا النوع الأخير من الدفاتر على الغاية من الأهمية نظراً لاحتوائها على الكثير من المعلومات الموثَّقة عن الممالك التي تحتلها الدولة العثمانية كنظام ملكيتها، وكتابة معلومات عنها وعن المدن والقرى التابعة لها، وطريقة التصرف بها، ومقدار الضرائب المفروضة عليها، وعدد وأسماء الأشخاص الموجودين فيها أثناء كتابة الدفتر، وما يزيد هذه الدفاتر أهمية هو أنّ الدولة عندما تود كتابة هذه المعلومات كانت تقوم بتكليف هيئة تتكون من رجلين من أصحاب القدرة والدراية والثقة والأخلاق العالية يسمى الأول الذي هو رئيس الهيئة باسم (أمين الدفتر)، والثاني باسم (الكاتب)، ويساعدهم مجموعة من الكتبة للقيام بهذه المسؤولية، وكانت الدولة تلزم جميع حكام تلك الممالك وإدارييها بالتعاون مع هذه الهيئة، وتقديم كافة الإمكانات والتسهيلات لها وتزويدها بأهل العلم والمعرفة من الأهالي الأصليين لتلك الممالك المفتوحة لكتابة المعلومات المطلوبة مما يجعل كل ما يكتبونه على الغاية من الأهمية والتوثيق في حقبة لم تكن المنطقة قد شهدت مثيلا له فيما مضى قبل مجيء الدولة العثمانية [8] .
وكانت عملية تدوين المعلومات عن المنطقة المحتلة وقراها في دفاتر الطابو تتم على مرحلتين :
المرحلة الأولى : وهي مرحلة تقوم فيها هيئة الدفتر بتجميع المعلومات من الأهالي عن قرى المنطقة المحتلة وتوابعها، ثم القيام بكتابة أسماء هذه القرى في دفتر يُسمى بدفتر المجمل.
المرحلة الثانية : وهي عبارة عن زيارات ميدانية تقوم بها الهيئة لهذه القرى وتوابعها التي دوَّنت أسمائها، وعرفت مواضعها، وتبدأ هذه المرحلة بزيارة كل القرى واحدة بعد الأخرى وتدوين أسمائها وأسماء أصحاب الحرف والصناعات، وأسماء القبائل والعشائر والعوائل إن وجدت، وأسماء العلماء وكذلك أسماء الأشخاص المكلفين بدفع الضرائب في كل مدينة أو قرية، والأشخاص المعفيين من دفع الضرائب مع توضيح سبب الإعفاء [9] .
وتقدم الهيئة أيضاً تعداداً تقديرياً للسكان في المدن والقرى، كما كانت هذه الهيئة تطالب أصحاب الممتلكات بإبراز السندات والأوراق الثبوتية التي تدلّ على ملكيتهم لها، وتقوم بفحصها بعناية والتأكد من صحتها وتدوينها في الدفاتر، وأما في القرى، فكانت الهيئة تحدد الغابات والمراعي والمزارع والبساتين التابعة لهذه القرى، والمقدار السنوي للمحاصيل الزراعية مثل القمح والأرز والشعير والأشجار المثمرة [10] .
وبالنسبة للمناطق الساحلية كما هو الحال في القطيف، فقد كانت هذه الهيئة تقوم بحصر سفن الغوص على اللؤلؤ، ومراكب الصيد البحرية الكبيرة والصغيرة وتدوينها مع أسماء مالكيها، والعاملين عليها، وتدوين مقدار الضرائب المفروضة عليهم، فإذا تم عمل هذه الهيئة بهذه الصورة الصحيحة والموضوعية التامة، فإننا نكون بالفعل أمام عمل وثائقي لا مثيل له في تلك الحقبة من الزمن التي لا نجد عنها شيئاً يذكر من الوثائق باستثناء ما دونته هذه الهيئة في دفاتر التحرير (الطابو) هذه.
القطيف في دفاتر التحرير ( الطابو )
لقد حظيت منطقة القطيف كغيرها من المناطق الهامة التي احتلتها الدولة العثمانية باهتمام ملحوظ من قبل الدولة في بداية احتلالها لها وإلحاقهم لها بولاية البصرة في بادئ الأمر.
ففي عهد السلطان العثماني سليمان بن سليم المعروف بالقانوني، وفي أوائل رجب من سنة 959هـ تم كتابة دفتر الطابو الذي يحمل الرقم 282، والذي يقع في 340 صفحة عن ولاية البصرة والمناطق التابعة لها، وكان نصيب المعلومات التي دُوِّنت عن القطيف وقراها وجزرها في هذا الدفتر أكثر من 50 صفحة[11] عُنْونت بـ (قانون نامه لواء القطيف)[12] دُوِّنت فيها جميع المعلومات الإحصائية التي ذكرناها قبل قليل بالإضافة إلى اسم أمير لواء القطيف، وهو مراد بك الذي أشرنا إليه كذلك.
ويوضح سجل قانون نامه لواء القطيف مدى الأهمية الاقتصادية الكبرى التي كانت عليها القطيف في منتصف القرن الألف الهجري، فبحسب هذا السجل كان ميناء القطيف يزخر بمختلف النشاطات الصناعية والزراعية والرعوية والبحرية، وكان في المدينة نفسها حرفٌ مزدهرة مثل الدباغة والصباغة والخياطة والنجارة والحدادة والعطارة مع ذكر أسماء أرباب هذه الحرف التي يلاحظ نسبتهم إليها كالدباغ والخياط والنجار والحداد والعطار .. إلخ [13] .
ومن المحاصيل الزراعية التي ذكرها هذا السجل كان هناك الشعير والحنطة والأرز والذرة والتمر والسمسم والقطن واللوبيا والدَّخَن والفواكه والخضار [14] .
أما عن النشاط البحري، فالسجل يدون ما يتعلق بتجارة اللؤلؤ وصيد الأسماك، وما يتعلق بها من مراكب، ومقدار الضريبة المدفوعة للدولة.
غير أنَّ أهم ما ورد في هذا الدفتر هو تدوين أسماء أكثر من 60 قرية قطيفية لا نعرف منها الآن سوى 14 قرية قائمة والباقية منها إما اندثرت وأصبحت بساتين ومزارع نخيل، أو تداخلت مع قرى أخرى أكبر منها وصارت تعد من أحيائها حالياً، ولحسن الحظ، فقد بقيت مسميات كثير من هذه القرى وإن كانت قد اندثرت مبانيها وزالت حدودها، وقد قام الكاتب بتدوين أسماء بعض هذه القرى في بداية السجلّ فيما سُمي بدفتر المجمل مكتفياً بذكر اسم القرية وتبعيتها للقطيف، وكذلك ذكر مجمل إيرادها السنوي بالآقجة دون تفصيل، ثم قام في دفتر آخر يسمى المفصّل بكتابة آسمائها مع ذكر تبعيتها للقطيف أيضاً مع ذكر أنواع محاصيلها الزراعية كالحنطة والذرة والدخن واللوبياء والسمسم والفواكه والخضار ومقدار الضريبة على كل نوع، ورسوم الزواج الذي سماه (رسم زيجات وعروس)، وذكر أيضاً أسماء أرباب الأسر القاطنين في كل قرية مع ذكر عدد المتزوجين منهم، والذين سماهم (خانه) وعدد العزاب الذين سماهم (مجرّد).
وتوجد ملاحظة جديرة بالذكر هنا، وهو أنّ عدد القرى وأسماء بعضها قد اختلف بين دفترين المجمل والمفصل، وقد وردت قرى في دفتر المفصل لم يشر إليها في دفتر المجمل أو وردت فيه ولكنها محرفة عنها وسوف أقوم في هذا البحث بذكر أسماء هذه القرى وتفاصيلها المذكورة مع تحديد موضعها من القطيف حالياً، وسوف أذكر كذلك كل ما أعرفه عنها مع العلم أنّ دفتر الطابو المذكور لم يذكر عن هذه القرى أي معلومات تذكر، ولم يحدد موقعها من الواحة باستثناء مجموعة أولى تتكون من قرى (سَيْح)، (الجبة)، (شملة)، (جفرة)، (غونان)، (حليس)، و(نبكات) ومجموعة ثانية تتكون من قرى ( جبلة )، (شراع)، (سومان)، (مويلي)، (برن)، (شريه)، (سلمان)، (شعاب)، (أم ساهك)، (الذيـبة)، و(راس تنورة) حيث ذكر بإزاء المجموعة الأولى أنها ناحية الظهران، وبإزاء المجموعة الثانية أنها ناحية صَفَّا بتشديد الفاء، وهو نطقٌ محلي لصفواء.
والطريف أنّ هذا السجل (دفتر الطابو) قد جَمَل جزيرة تاروت مع قرى القطيف، فسماها قرية جزيرة تاروت، كما عدّ صائدي اللؤلؤ في هذه الجزيرة كسكان قرية قائمة بحد ذاتها، ويبدو أنه لم يجملهم مع باقي سكان جزيرة تاروت، وأغلب الظنّ أنّ كاتب السجل كان يقصد بصائدي اللؤلؤ سكان دارين الواقعة في الجزء الجنوبي من جزيرة تاروت، وربما أضاف لهم سكان قرية الزَّوْر أو (فَنْيَة)، فهاتان القريتان من قرى تاروت كانتا مشهورتين باتخاذ صيادي اللؤلؤ لهما كموضع للسكنى.
وكما عدّ كاتب السجل صيادي اللؤلؤ في جزيرة تاروت كسكان قرية واحدة، فقد فعل الشيء نفسه لمن سماهم بطائفة العماير سكان عنك والجبيل والجزر التابعة لها، فعدهم كسكان قرية واحدة مع أنّ عدد المتأهلين الذي دوَّنه لهم يصل إلى 2000 متأهل، وهو عدد يفي بعدد متأهلي قرى القطيف – باستثناء أهل العاصمة وضواحيها - الذين ذكرهم، ويفوق عليهم بكثير، وإن كان الإيراد الذي ذكره لهؤلاء المتأهلين من طائفة العماير يقل بكثير عن إيراد متأهلي تلك القرى.
كما أود بالمناسبة لفت نظر القارئ إلى أنّ كاتب الدفتر كان يكتب بخط رفيع جداً، وبالرسم العثماني القديم مما جعل قراءته على الغاية من الصعوبة، وهذا الكاتب كان قليل المعرفة بالمنطقة وتاريخها وقراها مما جعله يخطئ في بعض الأحيان عند كتابته لأسماء بعض القرى، كما إنّ بعضاً من أسماء القرى قد تحرَّف أو تصحّف عن اسمه الصحيح بسبب كاتب السجل نفسه نظراً لكون هذه المسميات غريبة على سمعه، فـ(غَوْنان) القرية القريبة من الظهران - مثلاً - كتبها (لونان)، و(زويكية) إحدى قرى أم الحمام الآن كتبها (زويكة) في دفتر المفصَّل بالرغم من أنّ الكاتب قد كتبها صحيحة في دفتر المجمل إلى غير ذلك.