أصبحت ظاهرة سفر المراهقين إلى خارج الوطن خلال فترة الإجازات هاجس قلق لدى العديد من الأسر، حيث تشير الدراسات الحديثة إلى أن 20% من المراهقين يفضلون السفر أثناء الإجازات.. أما الخطورة فتكمن في عدم استفادة هؤلاء المراهقين من قيم السفر الثقافية والشخصية من خلال انخراط بعضهم في سلوكيات منحرفة تسيء لهم ولمجتمهم وقيمهم الدينية والأخلاقية.
وكان عدد من الأخصائيين الاجتماعيين والتربويين إضافة إلى بعض الشباب المعتدل أبدوا قلقهم من ارتفاع معدل سفر المراهقين الى الخارج متسائلين عن كيفية سماح أولياء الأمور بذلك دون تحصينهم مسبقا بمنظومة قيمية وأخلاقية ودينية حقيقية تقيهم من الانزلاق في مزالق الفساد، أو التأثر سلبيا بثقافات أخرى، ومحاولة التقليد الأعمى لبعض جوانبها السيئة.
“المدينة” التقت عددا من المختصين والتربويين حول الوضع الأمثل لتعامل الآباء مع سفر أبنائهم المراهقين للخارج.. كما التقت عددا من الشباب الذين عبروا عن أن السفر له متعته الخاصة، شارحين كيفية قضاء أيام السفر وحتى عودتهم الى الوطن مؤكدين أن منهم من يقضي سفرته في التعرف على المجتمعات الأخرى إلى جانب متع التنزه وتغيير الأجواء، ومنهم من يكتفي باللهو والمتعة فقط.
المتعة فقط
يقول الشاب (م.ع.س) بأنه يهوى السفر وبكثرة إلى الخارج خلال فترة الإجازات، مؤكدا بأنه يقدم مبررات كثيرة لوالده ووالدته حتى يتم إقناعهم، ومن ثم إصدار الموافقة ومنها على سبيل المثال بأن السياحة في الخارج تتميز برخص الأسعار عكس ما هو عليه داخل الوطن والذي يتميز بالغلاء معترفا بأنه يقضي طيلة أيام سفره بين السهر على وسائل اللهو من أول الليل حتى ساعات الصباح الأولى ومن ثم الاتجاه الى السكن للنوم والاتجاه فورا بعد ذلك إلى أماكن أخرى وهكذا حتى العودة مبيناً أنه ذلك يقضي أسعد لحظات حياته وبغرض الترويح عن النفس غير مبال بخطورة ما يفعله وورود الأدلة الشرعية على تحريم ذلك. وعن كيفية تأمين مبالغ السفر قال بأنه يقتني الأجهزة الإلكترونية بنظام التقسيط الميسر بواسطة أحد الأصدقاء ومن ثم التوجه إلى إحدى الدول العربية المجاورة التي تتميز برخص أسعارها.
وأضاف (ي.ل.ي) أنه يلجأ الى بيع بعض مقتنياته بغرض توفير السيولة التي تعينه على السفر. مشيرا بأنه يتخذ طرقا كثيرة لإقناع والديه بالسفر الى الخارج، مبينا لهما بأنه سيحافظ على نفسه وعلى السمعة الطيبة لشباب بلاده، وبذلك كسب موافقتهما ولاعلم لهما بما نفعله خارجا.
وعي غائب
ومن جانب آخر يرى عبدالرحمن الحارثي وحسن مرزوق الحارثي واللذان يفضلان قضاء الإجازة داخل ربوع الوطن بأن سفر الشباب إلى الخارج له سلبيات كثيرة خاصة أنهم يكونون دون وعي ثقافي يشكل خطرا عليهم. مستغربين كيفية قيام آبائهم بترك الحرية المطلقة لأبنائهم. وأضافا أن الوسائل التي يجدها عشاق السفر قد تعرضهم إلى الوقوع في أمور لا يحمد عقباها مقترحاً بأن الحل هو التوعية والتربية والحوار بين الآباء والابناء المراهقين للحد من ظاهرة السفر.
ويقول عادل عبدالله الهذلي أن من أبرز الظواهر السلبية التي تظهر على ملامح بعض عشاق السفر الخارجي هو التقليد الأعمي التي يأتي منه على سبيل المثال المظهر الخارجي وأساليب الحياة والتعامل.. وطالب أولياء الأمور بالحرص على توعية أبنائهم بأضرار السفر بمفردهم والعواقب التي قد يتعرضون لها جراء ذلك.
الأسرة والوعية
وعلى جانب المختصين يؤكد الدكتور زهير الكاظمي عميد كلية التربية بجامعة أم القرى أن السفر اذا كان خارج نطاق الشرع وإن لم يكن هناك له رادع ذاتيا من الصعب أن تردعه بأي شيء آخر، وينبغي أن يكون الشعور الديني يقظ في الإنسان وهذا إذا نميناه بالمفاهيم الصحيحة والمعروفة والمتوازنة التي تجعل الانسان حريص على ذاته وعلى فهمه. وشدد على تضافر الجهود بين المدرسة وأولياء الأمور بنشر التوعية بين الشباب عن أضرار السفر الى الخارج من أجل الحد من ذلك.
وأوضح البروفيسور محمود كسناوي أستاذ علم الاجتماع بأنه ومن الناحية الاجتماعية أرى أن الأسرة تعتبر عاملا مهما في الإعداد الاجتماعي والتربوي. فلذلك ينبغي على الآباء أن يقوموا بتربية الأبناء على القيم والأخلاق الإسلامية الفاضلة والنشأة الصالحة ليستطيعوا أن يصبحوا رجالا يعتمدون على أنفسهم ويستفيد منهم المجتمع. وبين أن سفر الشباب له عواقب وخيمة خاصة الشباب الذين لديهم ميول للانحرافات السلوكية. حيث يقومون بتصرفات غير لائقة أثناء السفر بعيدا عن أعين أولياء الأمور وتوجيهاتهم.
ومن جانبه دعا الشيخ صالح اللحيدان المستشار القضائي الخاص والأمين العام للجمعية العالمية للصحة النفسية في الخليج والشرق الأوسط وسائل الإعلام أن تقوم بالتنبيه المتكرر الى خطورة هذا الأمر بالنسبة للشباب، كما دعا الهيئات الى تتبع وإبراز مالديها من معلومات عن طريق رصد من جاؤوا من السفر وكيف تأثروا به.
غير متصل
