ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــ
رزق العرب منذ قديم الدهر فراسة حاذقة يتعرفون بها على مكامن الماء في باطن الأرض ببعض الإشارات الدالة على وجوده وبعده وقربه بشم التراب أوبرائحة بعض النباتات فيه أوبحركة حيوان مخصوص سمى العلماء معرفتهم هذه .
سمى العلماء معرفتهم هذه(1) علم الريافة (2) قال الألوسي : هو نوع من الفراسة وهي موجودة في بعض أعراب نجد ويسمى من له هذه المعرفة اليوم (النصات) ولم تذكره معاجم اللغة وهومن مبالغات اسم الفاعل من:نصت الرجل ينصت نصتاً وهو (القنقن) وجمعه بالفتح (القناقن) وقد عرفته دواوين اللغة بأنه (البصير بالماء تحت الأرض ) (والبصير بحفر الماء واستخراجها) والذي يسمع فيعرف مقدار الماء في البئر قريباً أوبعيداً) من القن وهو(التفقد بالبصر).
(3) وورد (القناقن) بالجمع في شعر للطرماح ابن حكيم (ت نحو125هـ)
قال: يخافتن بعض المضغ من خشية الردى .
وينصت للسمع انتصات (القناقن)
ويقال لمن يقوم بالحفر وإنباط الماء (القناء) وقد تطورت هذه المعرفة الفطرية عند العرب إبان تفجر ينابيع العلم في الاسلام وتبحر العلماء المسلمين فيه وقامت الحضارة الإسلامية وعمرانها على أسسه وقواعده فصارت بجهود علماء الرياضيات والطبيعيات علماً محرراً ومدوناً وفناً تطبيقياً بالغ الدقة ارتقى به بعضهم إلى اختراع موازين يزن بها ارتفاعات الأرض على النحو الدقيق الذي اهتداء إليه وشرح صفته المهندس الرياضي (الكرجي) على ماستأتي الإشارة إليه .
وبدأ العلماء المسلمين التأليف في الماء في أواخر المائة الثانية الهجرية وقد تناولوا بحثه من جوانب مختلفة وارقاها وابلغها فوائد وعوائد ماألفوه في
(استنباط المياه الخفية) ولعل أول كتاب في هذا الفن بلغنا خبره .هوكتاب "علل المياه وكيفية استخراجها وانباطها في الأرضين المجهولة" الذي ألفه أبو بكر احمد بن علي المعروف بأبن وحشية من أهل المائة الثالثة الهجرية وأدرك المائة الرابعة وقد عرفنا من ذلك الكتاب اسمه ولم يبلغنا عن وجوده في مظنة خبر.