تسجيل الدخول

مشاهدة النسخة كاملة : رسائل الأنس مع القرآن الكريم مع الآية 177 من سورة البقرة بقلم المختار العروسي البوعبد


المختار العروسي
21 - 06 - 2008, 22:52
رسائل الأنس مع القرآن الكريم مع الآية 177من سورة البقرة بقلم المختار العروسي البوعبدلي

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بســــــم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله
{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102) } { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1) } . { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (71) }
أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وأحسن الهدي هدي محمد وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار " }
في هذه الكلمة نحاول أن نتناول قوله تعالى:{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (177) } البقرة في هذه الآية يبين الله تعالى حقيقة علاقة الإنسان بالزمان والمكان، وبمعنى أدق علاقة عمل الإنسان بالزمان والمكان، فيقول الله تعالى بأن تأسيس عمل الإنسان يبنى على طلب تحقيق الغاية وليس على أساس أن الغاية تبرر الوسيلة لكن بمعنى تحقيقها وفق قواعدها المشروعة، ومن هذا فنفي الله تعالى لما كان من صناعة الإنسان للحدث بمتعلقاته من زمان ومكان راجعة إلى طبيعة خلقية قال تعالى:{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) } البقرة. الخلافة خلافة الإنسان في الأرض تكون بالتكاثر والتعمير وفق ما كان من عقد اجتماع، أي صناعة الحدث وكيفية صناعة الحدث، هي ترتيب المعلومات و المعطيات الموجودة و المتاحة بين يدي الفرد أو الجماعة ترتيبا صحيحا ومستقيما، حتى يصل كل منهما إلى تسخير النتائج تسخيرا يرجع على مرتبها بالإيجاب التام، و الترتيب الخطأ المعوج لها إنما يعني ممارسة الفوضى و ترسيخ قوانينها، وللمثال على ذلك: في حال إجراء عملية حسابية بسيطة (1+1=2)، ما الجديد في ذلك، مسلمة اثنان تساوي اثنان، إذن فأهم ما فيها هو ترتيب المعطيات ترتيبا صحيحا، فالأفكار على الطرقات و لكن كيف نتعامل و نتفاعل معها؟، إذ لا يكون ذلك إلا بتوفر مصادر، و أدوات، و مشارط التفكير لدى الفرد و الجماعة، المبنية على أركان عدة أهمها الركنين الفصل و التمييز بين الحق و الباطل، الصحيح و الخطأ، المستقيم و المعوج.......، في صفاتهما و خصائصهما وقوانينهما، ليتم بذلك العمل المؤسس على المرجع المعرفي و العلمي، ومنه تتم صناعة الحدث.
ومنه صناعة التاريخ من محاولة تحقيق الوظيفة الخَلقية والعمل وفق قوانين الاجتماع، التي تدل على الوحدة الخلقية والوحدة الوظيفية. وهي الاستخلاف في الأرض لعبادة الله وحده لا شريك له.
قلنا نفي الله تعالى لصناعة الحدث من منطلق التبرير العقلي المتعلق بعبادة المكان المرتكز على الإدراك المادي في التعامل والتفاعل مع الأشياء "وليس كمثله شيء سبحانه وتعالى عما يصفون"، ليرفعنا ويسمو بنا إلى كماله تعالى بما يكون من صناعتنا للحدث أي ما كان من عمل الذي قال فيه الله تعالى بوجوب كينونته على أساس البر أي الصلاح. ونفي الله لتعلق الفعل الإيماني بالمكان ثم بيانه لحقيقة هذا الفعل الإيماني المتعلق بخالق المكان، ثم إن النفي وبيان الله بيان تأكيد لحقيقة البر كان فيها قيمة يهبها الله لخلقة غير مرتبطة بشرط ألا وهي الحرية، هذه القيمة التي تبين في حد ذاتها وتدل دلالة جلية على العدل الرباني في كل شيء وفي هذا الموضع على حقيقة الجزاء بمعنى قاعدة الجزاء من جنس العمل قال تعالى:{ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (182)} آل عمران. وقال تعالى:{ ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (51) } الأنفال. وقال تعالى:{ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ يَدَاكَ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (10)} الحج. وقال تعالى:{ مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46)} فصلت. وقال تعالى:{ مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (29) }ق. ومن هذا فإن الحرية الموهوبة منه تعالى كانت في أهم أمر وهو الحرية في الاعتقاد. قال تعالى:{ لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (256) } البقرة. وقال تعالى:{ وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقًا (29) } الكهف ومن هذا نخلص إلى القول أن الحرية مفهوم مطلق ولا تكون إلا بما ارتبطت به وفي هذا الموضع فإنها مرتبطة بالاختيار ليتحقق لدينا أن الحرية اختيار ملزم في الفكر والنظام والممارسة. والإسلام ملزم في كل قوانينه من أمر ونهي. ثم إن الحرية لا تكون إلا من علم فالجاهل لا يعي حريته ففاقد الشيء لا يعطيه. ومن هذا فالبر لا يكون إلا من علم كذلك، والعلم بما كان من الأمر والنهي، ولن يكون العلم إلا بتحقيقه عمليا، والعمل كما ذكرنا في كلمات قبل هذه أنه إرادة وقدرة بتوفر العلم المضبوط الخاضع المنظم بتفعيل المسلمتين الخَلقيتين الفصل والتمييز.وهذا إن دل فإنما يدل على بناء الإنسان لعلاقة بنفسه علاقة مبنية على أساس إيماني صحيح ومن هذا يكون الحال، والحال هو انعكاسات حاصل العمل من تفاعل الفكر والنظام و الممارسة وفق ما تقتضيه بيئة الإنسان على الإنسان، خاصة في التأثير و التأثر قال تعالى: {وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكَى (43) وَأَنَّهُ هُوَ أَمَاتَ وَأَحْيَا (44)} النجم، إذ منها نقرأ أن الأثر الحاصل من تفاعل الفكر والنظام و الممارسة وفق طبيعة الخلق يعبر عن الحال، فولادة مولود تنعكس فرحا، و الموت ينعكس حزنا، و الخطأ والصواب في المعاملات و العلاقات له انعكاساته، فسياق الآية و ترتيبها يضفي عليها صبغة الحال، و فيها يكون العلم باكتشاف الأسباب فالمعرفة بالقوانين لتسخير النتيجة، مع معرفة أن الأسباب أكثر ما تكون من إتباع الحاجات حسب القيم الإنسانية العملية و الأخلاقية على وجه التخصيص، و القيم الإنسانية لا ملائكية منها و لا شيطانية فيها. قال أبو ذر لما بلغه مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، قال لأخيه: اركب إلى هذا الوادي فاسمع من قوله، فرجع فقال: رأيته يأمر بمكارم الأخلاق. حديث أبي هريرة قال، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم {إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق }رواه الحاكم في صحيحه، أي أن الوصول إلى انعكاسات حاصل العمل أي الحال لا يكون إلاّ بذلك التكوين والبناء القيمي. .../... يتبع

المختار العروسي
21 - 06 - 2008, 22:56
.../... تابع الآية 177 من سورة البقرة
قال الله تعالى : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)}آل عمران.
سارعوا: (س=سر×ز/ المسافة تساوي حاصل السرعة ضرب الزمن )، فالوقت (الزمن) محدود لما يقضى من عمر الإنسان (ثابت)، والسرعة في مدى تحقيق الموجود و المتاح.
قال الله تعالى: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْراً كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلا تُحَمِّلْنَا مَا لا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286)}البقرة، وفق دلالات و شروط وقوانين التكليف، و المسافة متعلقة بالسرعة إذ من هذا تعبر (المسافة) عن حاصل العمل ومنه، فوحدة قياس ما يقضى من عمر الإنسان هي العمل (و الجزاء من جنس العمل ) و يكون هذا في علاقة الإنسان بالله لا في علاقة الإنسان بالأشياء، فلا نحاسب عن الوقت الذي قضيناه من أعمارنا بل بما قدمناه من أعمالنا. و حاصله يكون له الأثر الظاهر في ما انعكس عليه ( على الإنسان) وهو الحال.
قال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم: (من شهد أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد اللَّه ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة والنار حق، أدخله اللَّه الجنة على ما كان من العمل) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ.
ومن هذا نخلص إلى نتيجة أن المسلم يقيس ما يقضي من عمره بما قدمه من عمل و الحاصل ينعكس على الإنسان حالا. وعلى هذا يكون الجزاء في الدنيا و الآخرة. فبناء علاقة الإنسان بنفسه لا تكون إلا من معرفة الحقيقة الخلقية المتعلقة بالأداء الوظيفي المتمثل في قوله تعالى:{ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} الذاريات
حتى تنعكس حالا تحمل الطمأنينة والسكن والاستقرار وتحقيق الاستخلاف في الأرض وفق الإرادة الإلهية. وأما إنكار اليهود لتولي قبلة جديدة راجع لتعلقهم بالمكان وليس بخالق المكان، وكذا يبين الله تعالى أن العلاقة بالزمان هي علاقة عمل صالح لا علاقة إتيان الهوى والشذوذ عن الفطرة.
وفي هذا الجزء من الآية { لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} كان توظيف أركان الإيمان توظيفا عمليا مع بيان حقيقتها الروحية المتعلقة بالغيب، والغيب هنا هو غيب يرفع العقل ليتجاوز به الإنسان حدود الزمان والمكان وحتى ذاته ليرتقي بنفسه إلى بناء علاقة بالله، ففيها ممارسة الانطلاق من الذات للوصول إلى معرفة الله تعالى حق المعرفة، وإدراك أن الخلق هو خلق الله تعطي صورة أننا نعرف الله بالله بدلالات الخلق. الصنعة دالة على الصانع. ثم ينتقل بنا الله تعالى إلى أهم قوانين الاجتماع المتمثلة في إطار تبادل المصالح الدنيوية، مع أن لا تخرج عن إخلاص النية لله، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) } البينة. وعَنْ عمر بن الخطاب رَضيَ اللَّه عَنْهُ قَالَ سمعت رسول اللَّه صلى اللَّه عليه وسلم يقول: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. فمَنْ كانت هجرته إِلَى اللَّه ورسوله فهجرته إِلَى اللَّه ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إِلَى ما هاجر إليه) متفق عَلَى صحته.
عَنْ عائشة رَضيَ اللَّه عَنْها قَالَت قَالَ النبي صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم: (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، وإذا استنفرتم فانفروا) مُتّفَقٌ عَلَيْهِ.
عَنْ أبي العباس عبد اللَّه بن عباس بن عبد المطلب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم فيما يروى عَنْ ربه تَبَارَك وَتَعَالَى قال: (إن اللَّه تعالى كتب الحسنات والسيئات، ثم بين ذلك، فمن هم بحسنة فلم يعملها كتبها اللَّه تعالى عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها اللَّه عشر حسنات إِلَى سبعمائة ضعف إِلَى أضعاف كثيرة، وإن هم بسيئة فلم يعملها كتبها اللَّه عنده حسنة كاملة، وإن هم بها فعملها كتبها اللَّه سيئة واحدة) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
و فيه إنما مظهر عمل الإنسان ما كان مطابقا لـمَخبره من إبراز الممارسة لنمط الفكر الحاصل مما هو مكتسب، يبين الإتباع لنظام فيه الجزاء متوقف على مدى الامتثال في العمل بالتشريعات. فالنية لا تكون إلا بتوفر القيم العملية والأخلاقية المضبوطة بالقوانين الشرعية، كأصول تفكيرية، و محاولة ترتيب المعطيات الموجودة والمتاحة وفق قوانين التشريع (الشارع الحكيم)حتى يكون للقيم واقع حاصل في الحال يبين طبيعة التشريع على مستوى الفكر و النظام و الممارسة. فالنية تعبر عن الصدق المخبري فينا وإرادة محاولة تحقيقه على أرض الواقع.وهكذا تكون النية. ومن هذا كله فطلب رضا الله مصلحة تحقيقها دنيوي لما تعلقت به من أمر الله ونهيه للوصول إلى الجزاء الحسن إن شاء الله تعالى. وهذه القوانين هي قوانين عملية، ولذلك كان قول الله تعالى:{ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ}فاللفظ آتى دال على الإتيان أي العمل لتحقيق غاية فما هو الإتيان في هذا الموضع؟ وهو القيام بالعمل طوعا من غير قهر ولا إرغام ابتغاء أجر معلوم.وفق القوانين المنصوص عليها كما أخذ معنى الإنفاق، وماذا ينفق؟ ينفق المال، ولماذا المال؟ لأنه يعبر عن التجهيز الحياتي فهو أحد أركان قيام الفرد و الجماعة، و المالُ هو ما مَلَكْتَه من كلِّ شيءٍ،وللملاحظة فإن الجزء الأول من الآية في قوله تعالى:{ لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آَمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ} فيه بيان لما وجب من علاقة بالنفس في ما تعلق بالجانب الإيماني، فهي تمثل خطاب للفرد في كيفية بناء تصوره من خلال ما اكتسب من قناعات ومدى ترسيخها لتصير مسلمات فكرية، ومنبع عملي في عملية الأداء. ثم إن الجزء الثاني من الآية والمتمثل في قوله تعالى:{ وَآَتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ} وكأنه تعالى يبين لنا كيفية بناء علاقة بالغير ودائما وفق أحكام الشارع الحكيم من غير تحديد ولا توضيح لطبيعة اعتقاد الآخر، بمعنى بيان لحقيقة الأخوة بشقيها أخوة في الدين و أخوة في الإنسانية، عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الإسلام خير ؟ قال: ( تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف ) صحيح البخاري عن أبي ذر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تبسمك في وجه أخيك صدقة لك وأمرك بالمعروف ونهيك عن المنكر صدقة وإرشادك الرجل في أرض الضلالة لك صدقة وبصرك للرجل الرديء البصر لك صدقة وإماطتك الحجر والشوكة والعظم عن الطريق لك صدقة وإفراغك من دلوك في دلو أخيك لك صدقة ) صحيح ابن حبان
وفي بيان هذه العلاقة بالآخر إرشاد منه تعالى لنا بأسلوب دعوي عملي المتمثل في الإنفاق فالدعوة إلى الله ليست كلمة مجردة من العمل بل هي ذلك التطابق التام بين الكلمة والعمل بمراعاة الجانب الإنساني من غير خروج عن توصيات الأمر والنهي. وهنا تكمن عالمية الرسالة من غير إكراه أو إرغام فنح لا نمارس العولمة التي يحاول متبنيها فرض نمط معين في الفكر والنظام والممارسة، في حين أن عالمية الرسالة هي إثبات علمي عملي للحق، وبمعنى آخر العولمة مفهوم وجد منذ القدم وهو حال طبيعية لوجود غريزة الهيمنة، والهيمنة الغربية في ظاهرها موجودة مؤسسة على علمانية مبتورة، وحقيقة الممارسة الغربية بكليتها مؤسسة على مرجعية دينية ذات خطاب ثقافي يحمل مفاهيم قديمة المدلول بصياغة لفظية حديثة تَحُد من صوابية مفاهيم غيرها، قال تعالى : { وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ بَعْدَ الَّذِي جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ (120)} البقرة وذلك من خلال إبراز التعامل العدائي في ممارسة غيرها مع حقوق الإنسان والطبيعة و... وإخراج الأحداث عن طبيعتها لإبراز الانحراف ـ على زعمهم ـ عن قوانين الاجتماع البشرية و الإنسانية. والهيمنة تعتمد أساسا على معرفة الـمُريد الهيمنة بحال الضعف والوهن الحاصل في جزئيات وكليات الـمُراد الهيمنة عليه.ويا للأسف فنحن نعيش اليوم فقدان الذات الحاصل من مُراعاتنا لحكم الآخر الصادر فينا وعلينا حتى أفقدنا الفرد والجماعة. في حين أن عالمية الرسالة : هي خلق توازنات للفرد وبين الجماعات. وبالنسبة للدول التوازنات الداخلية والخارجية، وفق قيم وقوانين مضبوطة مُلزمة لا تتعدى مقتضيات المحاور السبعة: الله، الوطن، الإنسان، الحرية، الأخلاق، العلم، العمل.
قال تعالى: {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَنْ سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوَارِيرَ قَالَتْ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (44)}النمل.
وقال تعالى: {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ وَقَتَلَ دَاوُدُ جَالُوتَ وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَهُ مِمَّا يَشَاءُ وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)}البقرة.
ونخلص من هذا إلى كيفية بناء علاقة بالآخر وفق المبادئ الإسلامية الحنيفة التي تسمو بالإنسان إلى أعلى وأرقى مراتب التحضر.

المختار العروسي
21 - 06 - 2008, 22:56
تابع الآية 177 من سورة البقرة
بعد أن خلصنا إلى أن الجزء الأول من الآية فيه إشارة إلى كيفية بنا علاقة بالنفس ، وأن الجزء الثاني بين فيه تعالى كيفية بناء علاقة بالآخر فإن الجزء الثالث منها في قوله تعالى:{ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآَتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ} يبين أن إقامة الصلاة متعلقة بالدين كله متعلقة بكل كلياته وجزئياته متعلقة بأدق التفاصيل وأعمها متعلقة بحياة المسلم في كل حركاته وسكناته، قال تعالى:{ اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ (45) } العنكبوت، فالصلاة دلالة على الحضور الإلهي الرباني الدائم والمستمر من مراقبة الإنسان الله في كل ما يقدم عليه في الفكر والنظام والممارسة.وهنا نلاحظ بأن ربنا سبحانه وتعالى يشير إلى أن بداية الإقامة تكون بالصلاة التي تعبر عن ذلك الترسب والرسوخ العلمي بالله الواجب إظهاره عمليا بإتيان ما يترتب عليها من أداء للواجبات مما هو من المفروض أو من التطوع وفاء منا لما عاهدنا عليه الله تعالى وبايعنا عليه نبيه صلى الله عليه وسلم، فالصلاة هي ذلك الدعاء المتمثل في السلوك العملي واللفظ القولي بحركاته وأقواله المخصوصة المبتدئة بتكبيرة الإحرام والمنتهية بالتسليم، ولا تتم إلا بما ارتبطت به وما اقتضته من صلة بالله صلة دائمة مستمرة باستمرار الحياة أي بناء علاقة بالله علاقة إيمانية عملية مؤسسة على أساس أخلاقي، لها المظهر الدائم في الممارسة ليتم منها تحقيق العبودية لله تعالى، وهنا ذكر الله تعالى للوفاء والصبر كقيمتين إيمانيتين أخلاقيتين عمليتين لما لهما علاقة بالممارسة ولا يكون الوفاء إلا من صبر لطبيعة الصبر، فالوفاء في ما كان صادرا من الإنسان في علاقته بنفسه اتجاه الآخر والأشياء أي قد يصاحبه فتور في الأداء في بعض الأحيان لطبيعة البشر الخلقية، والصبر فيما كان من تأثير الأشياء مادية كانت أو معنوية على الإنسان فيكون الصبر في كل الأوقات مع كل الأشياء وكما ذكرنا في كلمة سابقة أن الصبر قيمة خلقية مكتسبة برياضة النفس من تفعيل العقل لأجل الالتزام بالشرع، و هو انعكاس لمدى احتواء الظروف المحيطة في أوقات مختلفة ليست دائمة، و به يتم الانتقال إلى مرحلة الرضا، و الوصول إلى استيعاب الواقع بمختلف أشكاله، و من نتائجه التحكم في الحال بفراستها، و اكتساب الرؤية المستقبلية لما قد يكون من الحال. ويكون الصبر على إتيان الأمر كما يكون في الابتعاد عن النهي.وذلك لما جاء من معنى المدح للصابرين، وبصورة أخرى الصابر يأخذ معنى أن الصبر ملازم للإنسان في كل الأوقات مع جميع الأحداث بخلاف الوفاء بالعهد قد يتم وقد لا يتم وفائه بالعهد حسب الظروف الموضوعية والتاريخية المتعلقة بالفرد أو الجماعة.ثم إن قوله تعالى في هذا الجزء من الآية وأقام إلى غاية لفظ البأس دلالة على إتيان الدين منذ إسلام المرء إلى غاية موته وأسمى رجاء الموت في سبيل الله تعالى. وهذا إن دل فإنما يدل على استمرارية الدعوة لله تعالى انطلاقا من تحقيق العبودية له على المستوى الفردي ليكون منها ذلك الأثر الجماعي ومنه الدعوة وفق المتاح والموجود والقدرة والإرادة، التي لا تخرج عن أحكام الشارع الحكيم لبث وبعث الحق بالحق التزاما منا لتحقيق قول الله تعالى:{ وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ (55) وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56)} الذاريات. ثم كان قول الله تعالى في آخر الآية :{ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} المتقون بعد أن كان الصدق فما التقوى؟ التقوى ندرك معناها من بعض الآيات ومنها، قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (102)} آل عمران
قال تعالى:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْراً لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)}التغابن
قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً (70)}الأحزاب
قال تعالى:{فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً (3)}الطلاق
قال تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَتَّقُوا اللَّهَ يَجْعَلْ لَكُمْ فُرْقَاناً وَيُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ (29)}الأنفال
فالتقوى شعور مُدرك من محاولة إتيان الالتزام الشرعي، مصحوب بالرجاء والخوف من الله وحبه طمعا في الجزاء الحسن طلبا لأفضله، ويلازمها البعد عن الفتنة في الدين والدنيا.
فهي إدراك للحق والعمل به من غير تردد. و الرجوع في قياس العمل إلى ما جاء في النصوص المبنية و الضابطة له طلبا للصلاح، فهي اقتناع فإتباع فطاعة فالتزام و لا يكون بناءها إلا على أساس الصدق. ومن هذا فما الصدق؟ قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ(119) }التوبة
قال تعالى:{ إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (35) } الأحزاب
قال تعالى: {طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكَانَ خَيْراً لَهُمْ (21) }محمد
قام أبو بكر رضي الله عنه خطيبا في المسلمين فقال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي هذا عام الأول وبكى أبو بكر فقال أبو بكر : سلوا الله المعافاة أو قال العافية فلم يؤت أحد قط بعد اليقين أفضل من العافية أو المعافاة عليكم بالصدق فإنه مع البر وهما في الجنة وإياكم والكذب فإنه مع الفجور وهما في النار ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا إخوانا كما أمركم الله تعالى
عَنْ ابن مسعود رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم قال: (إن الصدق يهدي إِلَى البر وإن البر يهدي إِلَى الجنة؛ وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند اللَّه صديقا، وإن الكذب يهدي إِلَى الفجور وإن الفجور يهدي إِلَى النار؛ وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند اللَّه كذابا) مُتَّفّقٌ عَلَيْهِ.
عَنْ أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما قال حفظت مِنْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم: (دع ما يريبك إِلَى ما لا يريبك ؛ فإن الصدق طمأنينة والكذب ريبة ) رَوَاهُ الْتِّرْمِذِيُّ وقال حديث صحيح.
إذن فالصدق: هو أصل شامل لمجموع القيم الإعتقادية الإيمانية و العملية كما تنضوي تحته كل القيم الأخلاقية، ولا يكون إلا وفق الالتزام التام بالتشريع المكتسب اقتناعا من إخلاص الموقف و الثبات عليه و فيه، و يكون مؤسسا على الابتعاد عن الوهم، فالوهم مدخل من مداخل التشتت و إحداث الفتنة داخل نفس الفرد أو بين الجماعة. فلا يخالف الإنسان نفسه مخبرا ومظهرا، ليبتعد بذلك عن التغيير و التزييف على مستوى القول و الفعل و التقرير، وإنما أن يرى الأحوال عما هي عليه، فيتفاعل معها بطمأنينة تامة، و يتعامل معها بما ترسب لديه من قناعات التشريع، و بذلك يصير متحملا لمسؤوليته برضا عما قام به.
ومن هذا فإن الله سبحانه وتعالى بذكره لأركان الإيمان توظيفا لها وتبيينا لها والتي يؤكد أن قيامها لا يكون إلا على أساس أخلاقي وأن الأصل في مكارم الأخلاق الصدق فهذه الآية تبين أسس الإيمان من خلال توظيف أركانه.
أقول قولي هذا واستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه انه هو الغفار التواب الرحيم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين. بسم الله الرحمن الرحيم {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ (2) إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ (3) } والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

ابن جعوان
22 - 06 - 2008, 10:48
http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif (http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif)
http://www.almillion.net/media/web/salam.gif
http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif (http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif)
http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-6e0f60d4e1.gif (http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-6e0f60d4e1.gif)
http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif (http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif)
: أخي : المختار العروسي: بارك الله فيك :

وبيض الله وجهك ماقصرت طال عمرك
اصفقلك على نقل الموضوع الرااائع
والله يجعلها في موازين حسناتك
http://www.sarkosa.com/vb/uploaded/26714_pinkhand.gif (http://www.sarkosa.com/vb)
تستاهل

تقبل مروري لاهنت
http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif (http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif)
أخـوك
http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif (http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif)
أبن جعوان
http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif (http://sobe3.com/up/uploads/images/sobe3-fdc4bfd37b.gif)

قيس بن الملوح
23 - 06 - 2008, 02:52
جززاك الله كل خير