المقالة:
قرض مساكن: قبل أن يتحول الشعب إلى ضحية
إذا صحت الأخبار المتواترة في أعقاب اليومين الأولين لإطلاق فكرة قرض-مساكن- فإن الأمر برمته مجرد ورطة كبيرة لآلاف الضحايا الذين يتسابقون بملفاتهم للحصول على القرض. وعلى طريقة إذا رويت فأسند، فإن الأخ سعد القحطاني يروي لي حكايته التي ابتدأها السبت ونفض يده عنها ظهر الأحد. اكتشف الأخ القحطاني أولاً أن مصلحة معاشات التقاعد، صاحبة الفكرة، مجرد وسيط وحامل أوراق تستكملها ثم تحيلها بعد اكتمال الشروط إلى أحد البنوك الكبرى الذي يتولى بنفسه عملية التمويل وفق الشروط البنكية التي نعرفها جائرة مجحفة لأن بنوكنا تتصدر- فيما أعلم- بنوك الدنيا بأسرها في نسبة العوائد المرتفعة على القرض: استحيت أن أسميها نسبة الفائدة، فتحايلت باللغة، مثلما هي البنوك تتحايل في تسمية مصطلح الفائدة.
تقدم الأخ القحطاني للمؤسسة بمشهد راتب يساوي 18 ألف ريال في الشهر وهذا يعني حصوله على قرض- مساكن- بتمويل يصل لأكثر بقليل من 600 ألف ريال، ثم اكتشف أكثر من هذا أن- فوائد- سداده للقرض في 15 عاماً تصل لما يقارب 350 ألف ريال، وما يوازي قيمة القرض بالكامل إذا رغب في التسديد لمدة عشرين عاماً وأما إذا أراد في السقف الأعلى من الزمن المتاح على فترة خمسة وعشرين عاماً فإن الفوائد وحدها ستصل إلى ما يناهز 800 ألف ريال أي إن القرض الذي كان في جيبه بـ 600 ألف ريال سيخرج بعد ربع قرن من- أضلاعه- بما يحاكي ويقارب المليون ونصف المليون ريال. قيمة القرض بأرباحه العائدة للبنك ستمكنه من السكن 60 عاماً متواصلة في مسكن محترم بإيجار خمسة وعشرين ألف ريال في العام.
وفوق هذا لابد على المقترض من دفع عشر القرض مقدماً، ثم إن القرض غير قابل للإعفاء بسبب الوفاة بكل ما لهذا من تبعات على الورثة. أولاً: إذا كانت هذه هي الشروط، فلماذا سؤال- الحبشي- عن مكان أذنه؟ لماذا لا نذهب للبنك مباشرة دون الوساطة المحترمة لمصلحة المعاشات الموقرة؟ ثانياً، أنا أحذر ثم أحذر ولولا المساحة لواصلت لهجة- التحذير- حتى نهاية المقال: هذه القروض الضخمة بفوائدها الأضخم ستحيل سواد الشعب الأغلب إلى جيوش من المديونين المفلسين. ستأخذ رواتبهم حطباً وهم على رأس العمل وسترميهم عظماً بعد التقاعد وستطحن عظامهم ورفاتهم في وجوه ورثتهم لمصلحة بنوك. اللهم إني حذرت اللهم فاشهد
غير متصل
