قالت الكاتبة والمحللة البريطانية هيلينا كوبان إن السعودية احد أكثر اللاعبين تأثيراًً في عملية السلام بالشرق الأوسط، محصنة ضد الضغوط الأمريكية على العرب لإرسال إشارات إيجابية تجاه إسرائيل، فالسعودية لا تحصل على معونة أمريكية ولها دور في أسواق الطاقة العالمية، إلى جانب الدور الإسلامي المنوط بالسعوديين ، وان السعوديين باتوا يعرفون تماماًً كيف يساعدون الفلسطينيين، وان هناك توقعات بمصالحة فلسطينية تقوم بها السعودية قريباًً.
وفى المقابل يبدو أن الكثيرين في فريق إدارة الرئيس الأمريكى باراك أوباما لا يفهمون المعارضة السعودية القوية لإجراءات بناء الثقة المرحلية بين الإسرائيليين والعرب في المنطقة، ولا يعرفون كيف يتعاملون مع القيادة السعودية.
وقالت كوبان في مقال لها نشر بصحيفة " آسيا نيوز" الصينية : تعد السعودية احد أكثر اللاعبين تأثيراًً في عملية السلام بالشرق الأوسط، لكنها في الوقت ذاته أبعد ما تكون عن الوقوع في دائرة الضغوط الأمريكية ويعود ذلك إلى موقع السعودية القوى في أسواق الطاقة العالمية، إلى جانب حقيقة أن السعودية ليست في حاجة إلى مساعدات مالية من الولايات المتحدة، فهي بهذا محصنة ضد الضغوط الأمريكية.
وتقول كوبان :" ينظر حكام السعودية كمعظم الحكام العرب بقلق بالغ لأي انجراف دبلوماسي مرحلي، لا يستهدف تأمين اتفاقيات سلام نهائية بين إسرائيل وجيرانها العرب، بقدر ما يستهدف خطوات مرحلية ربما تطول. ومن وجهة النظر العربية انه قد تم التركيز على هذه الخطوات " المرحلية" طوال فترة ثماني سنوات، هي فترة إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون، حين تولت دبلوماسيته قضية الصراع العربي الإسرائيلي، ففي ذلك الوقت استمرت إسرائيل بزرع الآف من المستوطنين بالقدس الشرقية، بالإضافة إلى الضفة الغربية التي لم يتوقف الاستيطان بها على مدى سنوات.
واستمر هذا الاستيطان في ازدياد تحت إدارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، والآن أصبح بالضفة الغربية حوالي 500 ألف مستوطن، منهم 200 ألف في القدس الشرقية وحدها.
وأضافت :" ان وجود هؤلاء المستوطنين يعقد السعي نحو سلام عادل ودائم، كما ان هذا الاستيطان غير قانوني طبقاًً للقانون الدولي، فاتفاقية جنيف الرابعة لعام 1949 تحرم على حكومة أي قوة عسكرية محتلة لأرض، زرع مواطنيها المدنيين في المناطق المحتلة".
ومن هنا يرى السعوديون أن إسرائيل لا تستحق "جائزة" خاصة للتوقف عما هو غير قانوني، بل يقولون إن على الولايات المتحدة التي أمدت إسرائيل بالمساعدات المالية والعسكرية، أن تؤكد على وقف الاستيطان الإسرائيلي فوراًً، وانه فيما بعد وفى إطار أتفاق سلام- سلام نهائي على المستوطنين العودة إلى إسرائيل جنباًً إلى جنب مع جيشهم المحتل.
وتابعت :" هناك الكثير من الأمريكيين الذين يطالبون الدول العربية ومن بينها السعودية بإرسال إشارات بناءه إلى إسرائيل، لكن دبلوماسياًً عليماًً بشئون الشرق الأوسط ولاسيما المملكة وهو السفير الأمريكي الأسبق لدى المملكة ( 1989 – 1992 ) تشاس دابليو فريمان يرى " أن الإسرائيليين وضعوا في جيوبهم كل ما عرض عليهم، ولم يفعلوا أى شئ في المقابل يبدو أن الكثيرين في فريق إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما لا يفهمون المعارضة السعودية القوية لإجراءات بناء الثقة المرحلية بين الإسرائيليين والعرب في المنطقة والتي تدعو إليها الولايات المتحدة، كما لايفهمون الكثير من وجهات النظر السعودية في القضايا الأخرى بما فيها إيران، ففي شهر ابريل زار الدبلوماسي المخضرم دينس روس المستشار الخاص لوزارة الخارجية الأمريكية لشؤون الخليج، السعودية، وظل يتحدث مع الملك عبدالله عن مدى الحاجة إلى مواجهة " التهديد الإيراني"، ويصف روجر كوهين الكاتب بصحيفة " نيويورك تايمز " ما حدث في اللقاء، كتب كوهين " أن الملك عبدالله قاطع دينس روس ليسأله عن سياسة واشنطن، لكن روس لم يستطع الإجابة، وأصيب على ما يبدو " بقليل من الارتباك" .
وتابعت:" إن دينس روس هو من كان مسؤولاًً عن مفاوضات السلام الإسرائيلية الفلسطينية، ويفترض أنه تعامل عن قرب مع السعوديين، لذا يعتقد المراقبون انه من الغريب ألا يعرف دينس روس كيف يتعامل مع الملك عبدالله، مكمن القوة في السعودية طوال عقد كامل قبل أن يتولى العرش عام 2005.
وتضيف: لقد ضغطت الإدارة الأمريكية في سبيل الإجراءات المرحلية لبناء الثقة، ورفض السعوديون، وجاء الرفض صريحاًً في تصريحات الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي في لقائه بوزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون في 31 يوليو بواشنطن، حين أعلن أن السعودية لن تتخذ مثل هذه الخطوات في المستقبل القريب، وبعدها بثلاثة أيام أعلن أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح في لقائه مع أوباما ان التطبيع مع إسرائيل سيأتي عقب التوصل إلى سلام نهائي، لكنه لن يكون الطريق لمثل هذا الحل.
وأردفت :" يبدو أن السعوديين قد درسوا بعمق، وعرفوا بالضبط كيف يساعدون الفلسطينيين المنقسمين في الأرض المحتلة، وربما كان هذا الانقسام هو أكبر مشكلة تواجه السعوديين الآن، ففي فبراير 2007 توسط الملك عبدالله اتفاقا للمصالحة بين فتح وحماس، لكن إدارة الرئيس الأمريكي السابق بوش وبعض العناصر من فتح قوضوا هذا الاتفاق..الآن يستعد الآف المسلمين من قطاع غزة والضفة الغربية للسفر إلى أداء فريضة الحج، وهناك بعض التوقعات أن يقوم مضيفيهم السعوديين ببعض جهود المصالحة أثناء تواجدهم بالمملكة".
غير متصل
كاتبه ومحللة بريطانية : السعودية محصنة ضد الضغوط الأمريكية
