المنتدى الإسلاميفتاوى ، مقالات ، بحوث اسلامية لكبار العلماء وستجد ايضا معلومات عن الفرق الضالة والأديان بما في ذلك الديانة النصرانية واليهودية والمجوسية وغيرها
بعد موقعة القادسية اختلفت خريطة الأرض، واختلفت التوقعات بالنسبة لنتائج الحروب، واختلفت كل الموازين في الأرض بعد هذه المعركة الفاصلة بين المسلمين والفُرْس، وإذا كان هناك رجال يغيرون التاريخ، فرجال القادسية هؤلاء الرجال بمن فيهم أمير الجيوش، وبمن فيهم أصغر جندي لا نعرف اسمه، ولا نعرف نسبه.
هذا اليوم يُقاسُ في التاريخ بيوم بدر، وكان الجيش الإسلامي في القادسية يتضمن سبعين رجلاً أو أكثر من رجال بدر، وهذا أعطى للقادسية أهمية خاصة في التاريخ الإسلامي.
وقف الجيشان أمام بعضهما البعض، وفي لحظة عبور الجيش الفارسي كان الوقت قد مضى من أول النهار، وشاء الله في هذا اليوم واليوم الذي قبله أن يمرض سعد بن أبي وقاص، فقد أصيب بدمامل في ظهره، وأُصِيبَ بعِرْق النَّسَا؛ فكان لا يستطيع أن يمشي، ولا يستطيع الجلوس، فلم يكن يستطيع أن يمتطي حصانهُ، فاتخذ قصر "قديس" مكانًا للقيادة وصعد إلى أعلى القصر، ولم يستطع الجلوس؛ فنام على صدره على قمة القصر ووضع وسادة تحته، وبدأ بإدارة المعركة من فوق القصر، واستخلف على الجيوش خالد بن عرفطة الذي كان من قواد المسلمين المهرة، فيقوم خالد بن عرفطة بقيادة الجيوش ويدير سيدنا سعد بن أبي وقاص المعركة من فوق القصر متابعًا خالد بن عرفطة بالرسائل التي يرسلها إليه، فينفذها الجيش عن طريق خالد، واعترض بعض الناس على إمارة سيدنا خالد بن عرفطة، فما كان من سيدنا سعد بن أبي وقاص إلا أن قام بالقبض على هؤلاء المشاغبين، وكان يتزعمهم أبو محجن الثقفي، وهو من أشد مقاتلي العرب ضراوة وكان يجيد الشعر الجهادي، وكان المسلمون يُعوِّلون عليه كثيرًا؛ فقد كان له دور كبير، لكنَّ سيدنا سعد بن أبي وقاص لم يكن يتهاون في مثل هذه الأمور، وكانت الحرب الإسلامية حربًا تربوية، فتعمَّد سيدنا سعد بن أبي وقاص حبس هذه المجموعة في قصر "قديس"، ومنعها من الاشتراك في القتال بسبب اعتراضها، وفي ذلك درس تربوي مهم رغم قلة عدد المسلمين، ورغم كون المسلمين محتاجين إلى كل جهد بشري، ولكنها الحرب التربوية كما ذكرنا من قبل.
وأرسل سيدنا سعد بن أبي وقاص بيانًا إلى المسلمين عن طريق سيدنا خالد بن عرفطة يقول فيه: أما والله لولا أن عَدُوَّكم بحضرتكم لجعلتكم نكالاً لغيركم. فقام جرير بن عبد الله وقال: أما إني -واللهِ- بايعت رسول الله r على أن أطيع أميري، ولو كان عبدًا حبشيًّا. فجاء هذا الكلام ليؤيد سيدنا سعد بن أبي وقاص في قراره في حبس هذه المجموعة، ثم قال سعد: واللهِ لا يعود أحدٌ بعدها يشغل المسلمين عن عدوهم إلا سننت فيه سنة تؤخذ من بعدي. ولم يوضح العقاب؛ وذلك لإثارة الرعب في قلوب المشاغبين ومن يعصي الأمير في مثل هذا الموقف، ثم كتب سيدنا سعد بن أبي وقاص خطبة ووزعها على الرسل؛ لتصل إلى كل الجيش وذلك يوم القادسية، يقول فيها سيدنا سعد بن أبي وقاص: "إن الحمد لله نحمده ونستعينه، ونثني عليه الخير كله. إن الله هو الحق لا شريك له في الملك، وليس لقوله خُلْف، قال جلَّ ثناؤه: {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105]. إن هذا ميراثكم وموعود ربكم، وقد أباحاها اللهُ لكم منذ ثلاث حجج؛ فأنتم تطعمون منها، وتأكلون منها، وتجبونها، وتقتلون أهلها، وتسبونهم إلى هذا اليوم بما نال منهم أصحاب الأيام منكم، وقد جاءكم منهم هذا الجمع، وأنتم وجوه العرب وأعيانهم، وخيار كل قبيلة، وعِزُّ مَن وراءكم. فإن تزهدوا في الدنيا وترغبوا في الآخرة جمع الله لكم الدنيا والآخرة، ولا يُقرِّب ذلك أحدًا إلى أجله، وإن تهنوا تفشلوا وتضعفوا تذهب ريحكم، وتوبقوا آخرتكم".
هذه خطبة سيدنا سعد بن أبي وقاص في القادسية، والمتأمل في الخطبة يجد أنها تنقسم إلى أربعة مقاطع: أول هذه المقاطع يذكر للمسلمين أن النصر وارد في حقهم من خلال الأدلة النقلية التي ذكرت في الكتاب والسنة، فيذكر لهم {وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ} [الأنبياء: 105]. فهذه حقيقة قررها الله في كتابه؛ فيطمئن المسلمين أن الله سيورثهم هذه الأرض إن كانوا صالحين، ولا بد لأهل الإيمان أن يصدقوا هذه الحقيقة. ثم يذكر لهم الأدلة العقلية، فيقول لهم: وقد أباحاها الله لكم منذ ثلاث حجج وأنتم آكلون من هذه الأرض، وتقتلون أهله، وتأسرونهم، وتنتصرون عليهم منذ ثلاث سنين، وتفعلون ذلك بما فعل أصحاب الأيام منكم. وبعد ذلك يثني سيدنا سعد بن أبي وقاص على جمع المسلمين فيقول: "وقد جاءكم منهم هذا الجمع، وأنتم وجوه العرب، وأعيانهم، وخيار كل قبيلة، وعِزُّ مَن وراءكم". فشكر هذه الطائفة ولم يبالغ في الثناء، فهذه الطائفة أفضل طوائف العرب، وأفضل المقاتلين في العرب جمعوا في القادسية، فيعطيهم هذا القدر وتلك القيمة، فيشعر الناس بعزتهم وبقوتهم مما يدفعهم للقاء عدوهم غير مجبونين، ولا خائفين من الفرس. ثم يضع يده على مفتاح النصر: "فإن تزهدوا في الدنيا وترغبوا في الآخرة جمع الله لكم الدنيا والآخرة، ولا يقرب ذلك أحدًا إلى أجله، وإن تهنوا تفشلوا وتضعفوا وتذهب ريحكم، وتوبقوا آخرتكم".
وهذه الكلمات ذكرها سيدنا أبو بكر الصديق t لسيدنا خالد بن الوليد في أول فتوحات فارس في وصية قصيرة كانت عبارة عن هذه الجملة: "إنْ تزهدوا في الدنيا وترغبوا في الآخرة جمع الله لكم الدنيا والآخرة، وإن تُؤْثِروا أمرَ الدنيا على الآخرةِ تُسلَبوهما"؛ فهم سيدنا سعد بن أبي وقاص هذا المعنى وأراد توصيله إلى الجيش، فحَمَّسَتْ هذه الخطبةُ الناس، وتحفزوا للقاء الفرس. ثم قام عاصم بن عمرو في المجردة، فقال: هذه بلاد قد أحلَّ اللَّهُ لكم أهلها، وأنتم تنالون منها منذ ثلاث سنين ما لا ينالون منكم، وأنتم الأعلون واللَّه معكم إن صبرتم، وصدقتموهم الضرب والطعن فلكم أموالهم ونساؤهم وأبناؤهم وبلادهم، ولئن خُرْتم وفشلتم -والله لكم من ذلك جار وحافظ- لم يُبقِ هذا الجمعُ منكم باقية، اللهَ اللهَ، اذكروا الأيام وما منحكم الله فيها، اجعلوا همَّكم الآخرة، يا معاشر العرب إنكم تخاطرون بالجنة وهم يخاطرون بالدنيا، فلا يكونُنَّ على دنياهم أحوطَ منكم على آخرتكم، لا تُحْدِثوا أمرًا تكونون به شَيْنًا على العرب.
ثم أرسل سيدنا سعد بن أبي وقاص إلى كل من له كلمة، وكل من له خطابة في المسلمين حتى يخطب في الجيش ويحفز الناس؛ فقام قيس بن هبيرة فقال: أيها الناس، احمدوا الله على ما هداكم يزدْكم، واذكروا آلاء الله فإنَّ الجنة أو الغنيمة أمامكم. ثم يَعْرِضُ للمسلمين بشيءٍ محبَّبٍ إلى النفوس، فيقول لهم: وإنه ليس وراء هذا القصر -ويقصد قصر قُدَيْس- إلا العَرَاء، والأرض القَفْر، والظَّراب الخشن (أي التلال الصغيرة)، والفلوات التي لا يقطعها الأدلة (يريد أنكم تاركون هذه الصحراء إلى جنات فارس الخضراء). ثم يقوم غالب بن عبد الله فيقول: أيها الناس، احمدوا اللهَ على ما أبلاكم، وسَلُوه يَزِدْكم، وادعوه يُجِبْكُم، يا معاشِرَ العرب ما عِلَّتكم اليوم وأنتم في حصونكم (أي على خيولكم)، ومعكم من لا يعصيكم (أي السيوف)؟ اذكروا حديث الناس في الغد؛ فغدًا يبدأ بكم ويُثَنَّى بمن بعدكم. ثم يقوم ابن الهذيل في القادسية، فيقول: يا معاشر العرب، اجعلوا حصونكم السيوف، وكونوا عليها كالأسود، وتَرَبَّدُوا تربُّدَ النمور، وثِقوا بالله، وإن كلَّت السيوف فأرسلوا عليهم الجنادل (أي الحجارة)؛ فإنها يؤذن لها فيما لا يُؤذَن للحديد فيه (وفي فلسطين أُذِنَ للحجارة فيما لم يؤذن فيه للحديد). ثم قام ربعي بن عامر فقال: أيها المسلمون، إن الله قد هداكم للإسلام، وجمعكم به، وأراكم الزيادة فاشكروه يزِدْكم، واعلموا أن في الصبر الراحة؛ فَعَوِّدوا أنفسكم على الصبر تعتادوه، ولا تعودوها على الجزع فتعتادوه. فحَمِيَ المسلمون، وقَوِيَت شوكتهم، وتحفزوا للقتال.
التغلب على الأفيال:
تعجب سعد بن أبي وقاص لما رأى الأفيال من فوق القصر وأنها فوق طاقة المسلمين، فنادى على عاصم بن عمرو التميمي وقال له: ألا لك في الفيلة من حيلة؟ فقال: بلى والله. فانتخب سيدنا عاصم بن عمرو التميمي أفضل فرقة من قبيلة تميم، وكانوا من أفضل القبائل رميًا بالسهام، وبدأت هذه الفرقة برمي قائدي الفيلة بالسهام، فكان كل فيل حاملاً تابوتًا كبيرًا عليه أكثر من قائد، وقسَّم سيدنا عاصم بن عمرو التميمي من معه إلى فرقتين: فرقة ترمي قُوَّاد الفيلة بالسهام، والأخرى تندس داخل الجيش الفارسي لتقطع أحزمة التوابيت التي فوق الأفيال، وكانت فكرة سيدنا عاصم أن تفقد هذه الفيلة توجهها -وكانت في القيادة- لتتجه نحو الجيش الفارسي.
واستطاعت هذه الفرقة أن تصيب طائفة كبيرة من قواد الأفيال، واستطاعت الفرقة التي اندست في الجيش الفارسي أن تقطع أحزمة توابيت الأفيال، وكلما وقع تابوت كبر المسلمون، وتقدموا إليه وقتلوا من فيه، وحدث ذلك في معظم التوابيت الثلاثة عشر، وعند ذلك يكبر سيدنا سعد بن أبي وقاص التكبيرة الرابعة، وما إن انطلقت التكبيرة الرابعة حتى انطلق المسلمون ناحية الجيش الفارسي، ويتقدم كذلك الجيش الفارسي وتلتحم الصفوف، واشتدت رحى الحرب دورانًا، وكانت المعركة على أشدها، وبدأت أسد وبجيلة في دفع بهمن جاذويه إلى الخلف، وكانت مرحلة لم يفكر المسلمون في الوصول إليها، فقد كانت البداية شديدة على قبيلتي أسد وبجيلة، حتى استطاع عاصم بن عمرو التميمي -بفضل الله- أن يرد بأس الفرس شيئًا ما.
وبعد هذا الأمر يستمر القتال بين الفريقين ما بين قاتل ومقتول من الناحيتين حتى بعد غروب الشمس بقليل، وفي هذا الوقت كانت الجيوش لا تقاتل ليلاً، ونهكت قوى الفريقين وكان القتال في غاية الشدة، واستمر القتال حتى دخل وقت صلاة العشاء، فبدأ الفريقان بترك أرض القتال كلٌّ منهما عائدًا إلى مكانه قبل صلاة العشاء في أول الأيام، وكان يوم القادسية موافقًا للثالث عشر من شعبان في العام الخامس عشر الهجري، وسمِّيَ هذا اليوم بيوم أرماث، واختلف الرواة في سبب تسمية هذا اليوم بهذا الاسم، لكن بالعودة إلى معنى الكلمة يتضح الأمر شيئًا ما؛ فمعنى كلمة أرماث اختلاط الشيء بالشيء، وكان الأمر مختلطًا في ذلك اليوم على الفرس وعلى المسلمين، ولا نستطيع الجزم بانتصار المسلمين أو انتصار الفرس، وأدرك المسلمون قوة الفرس، فإن المسلمين قد اعتادوا في المعارك السابقة انتهاء المعركة في يوم واحد وقبل الظهر، لكن هذه المعركة لم تتحقق فيها نتيجة حتى بعد غروب الشمس، وإن كانت الغلبة ظاهرة في هذا اليوم في صف الفرس إلى حد ما.
واستشهد في أول أيام القادسية من المسلمين خمسمائة شهيدٍ، منهم أربعمائة شهيد أو أكثر من قبيلة أسد وحدها التي قامت تذب عن قبيلة بجيلة، وقُتِلَ من الفرس أكثر من ألفين، وكان في المسلمين إصابات كثيرة.
ولم يقع قتال بين الفريقين في هذه الليلة وسميت بليلة الهَدْأَة، وبدأ المسلمون بجمع شهدائهم ونقلهم إلى منطقة "عذيب الهجانات"، وتقع قبل القادسية بميل أو أكثر، ونقلهم المسلمون على الإبل حيث كانت النساء ينتظرن المسلمين، حيث كان المسلمون قد خرجوا إلى القادسية منذ شهور، وأخذوا معهم نساءهم، وعسكروا في منطقة "عذيب الهجانات" في مؤخرة الجيش الإسلامي، وكان على النساء حبيب بن جرير الأنصاري، بالإضافة إلى اختصاصه بشئون الجرحى والشهداء، وبدأت النساء بحفر القبور، ولا تدري أيتهن من يُدفن في هذا القبر إن كان أباها أو أخاها أو ابنها، ودُفِنَ الشهداءُ في الليلة نفسها، وتجهز المسلمون لملاقاة الجيش الفارسي في اليوم الثاني.
تحفز المسلمين للقتال:
في هذه الليلة تجلس الخنساء مع أبنائها الأربعة؛ لتحفزهم على القتال، وألا يفروا من المعركة إذا حمي وطيس الحرب، وأن يكونوا على الجنة أحرص منهم على الحياة، وهي التي بكت سنينَ على أخيها صخرٍ عندما قتل في الجاهلية، وكانت شاعرة من شاعرات العرب في الجاهلية، ومَنَّ اللهُ عليها بالإسلام، وخطبت في أبنائها؛ فقالت: إنكم أسلمتم طائعين، وجاهدتم مختارين، وقد تعلمون ما أعدَّ الله للمسلمين من الثواب الجزيل في حرب الكافرين، واعلموا أن الدار الباقية خير من الدار الفانية، يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [آل عمران: 200]، فإذا أصبحتم غدًا سالمين فاغدوا على قتال عدوكم مستبصرين، وبالله على أعدائه مستنصرين.
سُلَيْمى دعيني أروِ سيفي من العدا
فسيفيَ أضحى وَيْحَهُ اليومَ صاديا
دعيني أَجُلْ في ساحةِ الحربِ جَوْلَةً
تُفَرِّجُ من همّي وتشفي فؤاديا
وللهِ عهدٌ لا أَحيفُ بعهده
لئن فُرِّجت أَنْ لا أزورَ الحوانيا
لاهنت يامؤنس على القصه .. ولكن ماذكرته فيه بعض الاختلاقااات فيما ذكرته عن ابو محجن الثقفي وسبب سجنه .
كان ابو محجن من الذين يشربون الخمر ولم يتب منه حتى وهو مسلم الى ان جاء يوم القادسيه ....
طلب رستم مقابلة سعد بن أبي وقاص قائد المسلمين.. وبدأت المراسلات بين الجيشين
عندها وسوس الشيطان لأبي محجن فاختبأ في مكان بعيد وشرب الخمر
فلما علم به سعد غضب عليه وحرمه من دخول القتال..وأمر أن يقيد بالسلا سل ويغلق عليه في خيمة. فلما ابتدأ القتال وسمع أبو محجن صهيل الخيول ..وصيحات الابطال ..لم يطق أن يصبر على القيد ..واشتاق للشهادة..بل اشتاق إلى خدمة هذا الدين..وبذل روحه لله ..وإن كان عاصيا..وإن كان مدمن خمر..إلا أنه مسلم يحب الله ورسوله.
ثم أخذ ينادي زوجة سعد ابن وقاص ويناشدها أن تطلق سراحه ليشهد المعركة
سُلَيْمى دعيني أروِ سيفي من العدا
فسيفيَ أضحى وَيْحَهُ اليومَ صاديا
دعيني أَجُلْ في ساحةِ الحربِ جَوْلَةً
تُفَرِّجُ من همّي وتشفي فؤاديا
وللهِ عهدٌ لا أَحيفُ بعهده
لئن فُرِّجت أَنْ لا أزورَ الحوانيا
فسألته امرأة سعد ماذا تريد فقال فكي القيد من رجلي وأعطيني البلقاء فرس سعد، فأقاتل فإن رزقني الله الشهادة فهو ماأريد وإن بقيت فلك علي عهدالله وميثاقه أن أرجع حتى تضعي القيد في رجلي، وأخذ يرجوها ويناشدها حتى فكت القيدوأعطته البلقاء فلبس درعه وغطى وجهه بالمغفر ثم قفز كالأسد على ظهر الفرس والقى بنفسه بين يدي الكفار علق نفسه بالآخرة ولم يفلح ابليس في تثبيطه عن خدمة هذا الدين وحمل على القوم برقابهم بين الصفين برمحه وسلا حه، وتعجب الناس منه وهم لايعرفونه ولم يروه بالنهار ومضى أبو محجن يقاتل ويبذل روحه رخيصة في ذات الله عز وجل .. نعم مضى أبو محجن .. أما سعد بن أبي وقاص فقد كانت به قروح في فخذيه فلم ينزل ساحة القتال ..
لكنه كان يرقب القتال من بعيد فلما رأى أبا محجن عجب من قوة قتاله ، وقال
الضرب ضرب أبي محجن والكر كر البلقاء
فلما انتهى القتال عاد أبو محجن إلى سجنه ووضع رجله في القيد ، ونزل سعد فوجد فرسه يعرق فقال : ما هذا ؟ فذكروا له قصة أبي محجن فرضي عنه وأطلقه وقال : والله لا جلدتك في الخمر أبدا ،
فقال أبو محجن : وأنا والله لا شربت الخمر أبدا